بعض المصادر ترى بأننا سنكون امام ساعات حاسمة، فإما ان تؤلف الحكومة وتأخذ الأمور مسارها الطبيعي، وإما ان ينزلق لبنان إلى جهنم التي تحدث عنها رئيس الجمهورية.
 

إستطاع الرئيس سعد الحريري من إحداث خرق في جدار الأزمة الحكومية، بعد المبادرة التي أطلقها ، الأمر الذي قد يدفع إلى ترقب حصول انفراجة على صعيد عملية التأليف، وبما يحفظ ماء وجه المبادرة الفرنسية التي واجهت ظروفاً صعبة، كادت تطيح بها بعد الشروط التي وضعت أمامها. 

 


أوساط سياسية ترى أن الثغرة التي فتحتها مبادرة الحريري في جدار الأزمة الحكومية، يمكن البناء عليها لحلحلة العقد، وهذا ما يرتب مسؤوليات كبيرة على الفريق الشيعي الذي يواجه أدق مرحلة سياسية في تاريخه منذ الـ2005، وهو يعاني أوضاعاً إقليمية بالغة الخطورة وعلى مختلف المستويات، في ظل عقوبات على إيران وتراجع كل مفاعيل الممانعة والأذرع الإيرانية في المنطقة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى حالة الوهن التي يتخبط فيها فريق الثامن من آذار، ما يعني أن الأوراق باتت معدومة بين يديه، ما يحتم ضرورة تجاوبه مع مبادرة الحريري، لانتشال الوضع من هذه الأزمة التي تعصف بالبلد .

 


وبالتالي فإن لا خيارات أمامه إلا الاستفادة من مبادرة الرئيس الحريري لحفظ ماء الوجه وإخراج لبنان من المأزق، كما أنها فرصة لإخراج نفسه من المأزق الذي أوقع نفسه فيه، جراء سياساته على حساب مصلحة الشعب اللبناني .

 

 

 لا منطق يفسر ذلك، الا اذا كان الهدف المطلوب اقليمياً منع تأليف حكومة لأنه يضعف الموقف الايراني في الصراع مع اميركا عشية الانتخابات الرئاسية والرهان على سقوط الرئيس ترامب. ولا في الدستور ما يسمح بذلك، الا اذا كان المطلوب نقلة ابعد في لعبة السلطة فراغ وانهيار بما يمهد لخلط الاوراق في ادارة النظام ثم تغيير النظام. والتشاطر مكشوف. فلا تأنّق المذهبية بثوب وطني يجعل الطريق الى الدولة المدنية مفتوحاً، ولا احد يصدق ان كل الاحزاب والمراجع الطائفية والمذهبية تريد بالفعل التوصل الى دولة مدنية بالمعنى الحقيقي. 

 

إقرأ أيضا :  المبادرة الفرنسية غرقت في الوحل اللبناني


صحيح أن انفجار المرفأ وحرائقه المتوالية قد ولّد دينامية سياسية فرنسية مستجدة تجاه لبنان،لكن الصحيح أيضا أن دينامية ماكرون مستحضرة من دائرة النار الأوسع في شرقي المتوسط، حيث الأساطيل التركية ترسم خطوط النفوذ الطاقة والجيوسياسية من ليبيا الى قبرص واليونان، وهي الخطوط التي ربما ينجح منتدى غاز شرق المتوسط الوليد والذي يضم مصر، قبرص، اليونان، إيطاليا، الأردن، إسرائيل والسلطة الفلسطينية في تصحيح إحداثياتها وخرائطها، تماما كما فرمل اعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن سرت والجفرة الليبيتين خطا أحمر للأمن القومي المصري والعربي، الاندفاعة الاردوغانية وأوقفها عند حدها في مصراتة.

 

 

وفي هذا السياق، يمكن النظر الى اندفاعة ماكرون باتجاه لبنان، بذات المنظار الذي يمكن النظر فيه الى اندفاعة اردوغان شرقي المتوسط. انهما الاندفاعتين المنطلقتين وفق الإشارات الأميركية الصفراء لا الخضراء التي سمحت لهما بالنظر الى حجمهما الإقليمي بالتواجد على خطوط تماس المنطقة. أما حصر إرث النفوذ الجيوسياسي والتموضع النهائي في المنطقة المتوسطية فهو ما ستقرره الإشارات الأميركية. 

 

 

إنها الإشارات الأميركية التي تقول أن المطلوب من الحكومة اللبنانية الابتعاد عن حزب الله حتى تتدفق المساعدات الأميركية والدولية على لبنان. وهي الإشارات المتباعدة عن المبادرة الفرنسية التي تقر بدور الحزب السياسي رغم حكم محكمة بلغارية بالسجن المؤبد لعنصرين من حزب الله ثبت ضلوعهما في تفجير بورغاس الذي استهدف حافلة فيها اسرائيليين .

 


وهي الإشارات الأميركية التي انتقلت من عدم الفصل بين الجناح السياسي والعسكري لحزب الله الى عدم الفصل بين الحزب وحلفائه، بحسب ما أفصحت عنه العقوبات الأميركية السابقة، وبحسب ما تشي به العقوبات الأميركية المرتقبة خصوصا بعد تفعيل واشنطن للائحة العقوبات الأميركية ضد ايران رغم عدم إقرارها من قبل مجلس الامن . 

 


لماذا تسارعت هذه التطورات نحو الحلحلة ، فبالتأكيد ان المحاور الإقليمية والدولية الضاغطة قد لعبت ولا تزال تلعب دورها تحت شعار دعم لبنان اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، فكان قصر الاليزيه في مقدمة أولئك الذين رسموا خريطة الطريق لحلحلة الوضع الحكومي المعقد في لبنان وذلك بالتعاون من وراء الستار مع كل من مصر وايران وروسيا وغيرها من الدول الفاعلة الاخرى 

 


أما بالنسبة للموقف الأميركي المنشغل حالياً بانتخاباته الرئاسية وانتشار فيروس كورونا بشكل مريع، فهو موقف متريث، حيث ان الإدارة الأميركية تتابع وتواكب مسار الأمور في لبنان لتبني عليها وفقاً لمصالحها كما وانها تكاد لا تكترث لما يجري على الساحة اللبنانية حالياً بانتظار ما ستؤول اليه الأوضاع في هذا البلد وبالتالي تساهم في خلط الأوراق من جديد لتحاكي الحلقة الأضعف في لبنان وتحقق مصالحها وفقاً لنظرتها للأمور، على أمل ان لا تساهم بتعطيل المبادرات الدولية الأخرى، وفي هذا السياق قال وكيل وزارة الخارجية الأميركية، ديفيد هيل عندما يلتزم قادة لبنان بالتغيير فإن أميركا ستقدم المساعدات اللازمة.

 

 

 وأضاف إيران قدمت المليارات من واردتها من النفط لحزب الله الذي يهدد أمن لبنان. وكما جاء كلام العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ليشخّص بلا مداراة ولا مواربة بيت الداء والدواء في الحالة المرضية اللبنانية هيمنة حزب الله على القرار في لبنان وتدميره مؤسسات الدولة الدستورية. ان ما صدر من كلام بالأمس من أكثر من جهة في الداخل والخارج،بعض المصادر ترى بأننا سنكون امام ساعات حاسمة، فإما ان تؤلف الحكومة وتأخذ الأمور مسارها الطبيعي، وإما ان ينزلق لبنان إلى جهنم التي تحدث عنها رئيس الجمهورية.