كتبت "الأنباء" تحت عنوان " السقوف العالية تراكم التعقيدات... والمساعي باتت لإنقاد المسعى الفرنسي": "حتى الساعة لا يمكن الجزم بأن الضغوط الفرنسية قد تفضي إلى حلحلة العقد التي تؤخّر تشكيل الحكومة، على الرغم من إنقضاء المهلة التي أعلن عنها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من قصر الصنوبر خلال زيارته الأخيرة، ورغم امتعاض الرئاسة الفرنسية من السياسيين الذين تخلّفوا عن تنفيذ تعهّدهم بالتجاوب مع المسعى الفرنسي لتشكيل حكومة إنقاذ مصغرة تأخذ على عاتقها إعادة الإعمار، وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة. وقد كان تحذير رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، من باريس بالغ الدلالة على ما وصلت إليه الأمور بقوله إنّ "البعض لا يريد أن يفهم أن المبادرة الفرنسية هي آخر فرصة لمنع زوال لبنان".

 

ومن الواضح أيضاً أن الاستشارات التي أجراها رئيس الجمهورية ميشال عون، وطريقة الأسئلة التي طرحها على ممثلي الكتل النيابية الذين التقاهم على مدى يومين، قد عقّدت الأمور وأدّت إلى تعميق الهوة بين الرئيس المكلّف وفريق 8 آذار وتكتل لبنان القوي، والذي يتصرف على عكس ما يعلنه، حيث يعلن فريق العهد أنه لا يريد للمبادرة الفرنسية أن تفشل لأن في ذلك إساءة لسمعة العهد، وبالمقابل لا يريد إطلاق يد الرئيس المكلف لتشكيل حكومة الإنقاذ بحجة المواقف التي صدرت، ومنها إصرار الثنائي الشيعي على اعتبار حقيبة المال خارج إطار البحث في موضوع المداورة.

 

الرئيس المكلّف مصطفى أديب، كان واضحاً في موقفه أنه ليس في وارد الخلاف مع أيٍ كان، ومع أي مكوّنٍ سياسي، وبالأخص الثنائي الشيعي، وأنه قبِل بتكليفه تشكيل الحكومة لمهمة محدّدة وفق المبادرة الفرنسية، فإذا بالفريق المطلوب منه المساعدة على التأليف هو الذي يضع العصي في طريقه من خلال رفضه حكومة الاختصاصيين، والجنوح باتّجاه حكومة تكنو- سياسية تتشكّل من 20 إلى 24 وزيراً، ويكون الهدف منها، كما بات معلوماً، الحصول على الثلث المعطّل مقابل تمسّك الثنائي الشيعي بوزارة المال من دون التراجع عن هذا المطلب تحت أي ضغط.

 

 وإذا كان التدخّل الفرنسي، والبيان الذي صدر عن الإليزيه، قد أعطى بعض الأمل بالحل، والرئيس الفرنسي أوفد مسؤولَ مخابراته، برنار إيمييه، إلى لبنان للتباحث عن قرب مع القوى السياسية المعرقِلة لعملية التشكيل، ولإقناع رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بالتحديد أنّ مهمة حكومة مصطفى أديب محدّدة، ولفترةٍ زمنيةٍ معيّنة، وهي لن تكون نهاية المطاف. وإذا كان ثمة اتّفاقات بالنسبة إلى وزارة المال، فإن الجانب الفرنسي، وفق المعلومات المتوافرة، "ليس في وارد حرمان الثنائي الشيعي من هذا الحق، شرط تمرير تشكيل حكومة أديب في الوقت الحاضر، مع تأكيد الجانب الفرنسي أن الأمور ستسوّى بعد أن تدور عجلة الدولة، وتبدأ ورشة الإعمار والإصلاحات والتفاهم مع صندوق النقد الدولي لإقرار المساعدات المطلوبة، وتنفيذ مقرّرات مؤتمر سيدر".

 


وفيما تبدو التعقيدات تتراكم مع استمرار السقوف العالية، فإن المساعي باتت تتركز على منع سقوط المسعى الفرنسي أكثر منها على الحكومة ذاتها، وذلك منعاً لتداعياتٍ أخطر كان ألمح إليها وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بكلامه أول من أمس، وهو ما أوحى بإشارات سلبية حيال الواقع اللبناني.

 


مصادر متابعة للاتصالات الجارية كشفت لـ"الأنباء" أن الضغوط الفرنسية قد تُقنع الرئيس عون وفريقه بالتخلي عن مطالبتهما بالحكومة الموسّعة "24 وزيراً"، لكنها لن تستطيع أن تقنع الثنائي الشيعي بالتخلي عن حقيبة المال، التي أصبحت بالنسبة إليه مسألة حياة أو موت بعد العقوبات الأميركية، وإدراج اسم المعاون الأول للرئيس بري، النائب علي حسن خليل، فيها وهو ما يعتبره بري إهانة موجّهة إليه شخصياً.

 


مصادر عين التينة أوضحت لـ"الأنباء" أنّ، "لا أحد اتّصل بها بحثاً عن حل، لا من الداخل ولا من الخارج، وأنّ الأمور ما زالت تراوح مكانها، وأنّ عين التينة ليست في وارد التنازل عن وزارة المال تحت أي ضغوط، أكانت محلية أو خارجية". 
المصادر كشفت أن عين التينة أيضاً، "ليست في وارد المقايضة في الوقت الحاضر على المالية، لا بوزارة الداخلية ولا بالخارجية، وعلى الفريق المستعجل تشكيل الحكومة أن يقبل بالأمر الواقع"، وهذا يعني أن الأمور ما زالت تراوح مكانها".