ثمان وأربعين ساعة تفصل اللبنانيين عن ساعة الحساب والحسم، إمّا أن تكون لهم حكومة إنقاذية، أو يذهبون إلى جحيم المجهول، طبقة سياسية بفئاتها ومُنوّعاتها فسدت وتحلّلت، وتبعتها الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية والدبلوماسية

والإدارية، كلّ ذلك في ظلّ انعدام الفاعلية اللازمة لأحزاب المعارضة الوطنية، وبرامجها الواضحة، ورغم التضحيات الجسام التي قدّمتها انتفاضة السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩، فهي ما زالت حتى الساعة قاصرة عن القيام

بزحزحة هذه الطبقة السياسية الفاسدة عن مقاعدها، فهي ما زالت بلا سندٍ ولا ظهير، ولا برنامج ولا قادة، مع سهولة اختراقها وحرفها عن مقاصدها وأهدافها، فهي بالطبع لا تستطيع أن  تستنبط "بديلاً مؤقّتاً" لما يُسمّى " دولة"، ( والتعبير

لجوزيف أبو خليل في كتابه قصة الموارنة في الحرب)، دولة ولو بحدٍّ أدنى من شروط قيامها بأوصافها وإمكانياتها، ذلك أنّه وللأسف الشديد مرّةً أخرى، ليس في القاموس السياسي بديلاً من هذه الدولة، لأنّ مجتمعاً لا ينتظم في دولة هو

مجتمعٌ سائب أو تحت الوصاية ( وكان لبنان تحتها لوقتٍ قريب)، أو مُعرّضٌ للزوال والانحلال، لذا ولأسبابٍ أخرى عديدة لا مجال لتفنيدها الآن وذكرها هنا، لبنان خلال ساعاتٍ معدودات أمام خطر انهيار نظامه ودولته، بعد انهيار

اقتصاده، وعجز الطبقة السياسية الفاسدة عن إصلاح ما أفسدتهُ خلال ثلاثين عاماً، وتحفُّز " دويلة" حزب الله  الجاهزة ربما للإطباق عليه ووضع اليد على ما تبقّى من الدولة الشرعية، عندها لن يبقى مسيحيون لتُحفظ حقوقهم، ولا مسلمون

بمنأى عن الحركات الأصولية المُتطرّفة ودمويتها، يستوي في ذلك السّنة والشيعة والدروز، ويذهب العلمانيون واليساريون وسائر المواطنين الصابرين الغافلين تحت سنابك خيل الفوضى المُدمّرة، والحروب الطائفية والمذهبية المُرعبة.