العالم اليوم يتعامل مع العولمة بمنظور آخر(العولمة المقننة)، حيث تبحث الدول عن الطرق الأنسب لحماية اقتصادها في حال تكرّر هذه الجائحة، فالدول تعقّم نفسها وعلاقاتها للنهوض من هذا الركود العالمي.
 

في الوقت الذي شهدت فيه معظم القطاعات الاقتصادية حول العالم خسائر كبيرة في ظل الأزمة الصحية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد(كوفيد 19)، تمكنت قطاعات أخرى من استغلال الأزمة وحققت أرباحاً غير متوقعة.

فعلى الرغم من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومات للحد من انتشار الوباء، إلا أن القطاعات الرابحة استطاعت أن تثبت نفسها لما قدمته من خدمات متطورة تتناسب مع ظروف الأزمة التي يمر بها العالم أجمع.

 

وتعددت القطاعات المستفيدة، فأصبحت تُعتبر ركيزة أساسية لإعادة إحياء الاقتصاد العالمي من جديد. وبالازدهار الذي شهدته شركات التنظيف والتعقيم، أفاد مدير شركة سمارت كاربت للنظافة والتعقيم في دبي، عامر الأحبابي، أن

"نسبة أرباح الشركة تضاعفت في الآونة الأخيرة نتيجة ارتفاع الطلب على خدمات التطهير والتعقيم في المنازل تحديداً، بالإضافة إلى توريدها لمواد الوقاية والمطهرات".

 

كما شهد قطاع بيع الأدوية انتعاشاً ملحوظاً، حيث أشار مندوب مبيعات أدوية لدى ميكتافارم، جرجيس سركيس، إلى أن "عملية بيع الدواء باتت سهلة جداً، فالعالم مُصاب بحالة من الهلع، ومجرد الترويج لأي دواء، سيشتريه المصاب

بالفيروس وغير المصاب للاحتفاظ به في حال أصيب بالعدوى".

 

وتابع مندوب مبيعات الأدوية: "البضاعة التي كانت تُباع خلال سنة واحدة، باتت تباع اليوم خلال شهر واحد فقط، فحققت الشركة أرباح كبيرة".

 

واحتلت شركات تصنيع أقنعة الوجه بشقيها الطبي وغير الطبي المراكز الأولى بين القطاعات الرابحة في ظل أزمة كورونا، حيث ذكر مدير شركة ذا ماسك دبي، حمد طارق، أن " بسبب اتخاذ تدابير السلامة، ازداد الطلب على أقنعة

الوجه بسرعة مما أدى إلى زيادة الأرباح، وهذا أحد أسباب بقاء شركتنا على قيد الحياة بعد الإغلاق، فنحن ننتج حوالي ٤٠٠٠-٥٠٠٠ قناع في الأسبوع".

 

وأوضح الخبير والمحلل الاقتصادي حسام عايش، واقع الاقتصاد الحالي، قائلاً: "العالم أمام مشهد اقتصادي يتم الحديث فيه أكثر عن إعتماد الدول على بعضها البعض ومحاولة المجتمعات بشكل أو بآخر التكيف بوسائل وتقنيات جديدة

من ضمنها الاعتماد أكثر على الاقتصاد الحقيقي بقطبيه الصناعي والزراعي".

 

وأضاف: "يُقصد بالصناعة تحديداً امتداداتها في مجال الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية والمعقمات وأدوات الحماية الطبية، والزراعة بامتداداتها المتعلقة بالصناعات الغذائية وتأمين الأمن الغذائي".

وأكد المحلل الاقتصادي أن لكورونا قانون اقتصادي خاص سمح بتوفر توازنات اقتصادية جديدة تعتمد على تقنيات حديثة. وأشار إلى أن "العالم يتجه لزيادة اهتمامه في القطاعات الرابحة، بالإضافة إلى قطاع التكنولوجيا والتواصل

الرقمي وكل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي".

 

كما ذكر أن: "الاقتصاد العالمي تكبد خسائر تُقدر بأكثر من ١٢ تريليون دولار في العام ٢٠٢٠، مما أدى إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي لدى ٩٥% من الدول، فتراجعت القدرة الانفاقية لدى الأفراد والحكومات، ولم تستطع البنوك

المركزية تأمين التحفيزات المادية، فتوجه اللانفاق أكثر نحو الصحة والغذاء، وبالتالي ارتفعت حصة هذه القطاعات".

 

وقال عايش: "العالم اليوم يتعامل مع العولمة بمنظور آخر(العولمة المقننة)، حيث تبحث الدول عن الطرق الأنسب  لحماية اقتصادها في حال تكرّر هذه الجائحة، فالدول تعقّم نفسها وعلاقاتها للنهوض من هذا الركود العالمي".