هل تُؤتي صيحة سمير جعجع أُكُلَها، أم تبقى صيحةً في واد؟!
 

في وسط ركام مدينة بيروت وضواحيها الشرقية والشمالية، والتي لم تنس شهدائها، وما زالت تحاول مُداواة جراحها البليغة، ومن وسط الركام السياسي الذي خلّفه الإنفجار " النووي" واستقالة حكومة الرئيس دياب، وتعيين سفيرٍ مغمورٍ  لتأليف حكومة جديدة، بعد أخذ موافقة الثنائي الشيعي ومُباركة إيران( حسب بعض المصادر المُطّلعة)، جاء بالأمس خطاب الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية لمناسبة ذكرى شهداء القوات، الذي أعاد به تصويب البوصلة إلى مكامن الخلل في الأزمة اللبنانية المتمادية، وهي السيادة الوطنية المفقودة، والدولة المُتهالكة والمُغتصبة من قِبل حزب الله وشريكه " المسيحي" الرئيس عون في قصر بعبدا، جاء خطاب جعجع جامعاً وافياً، لم يُغفل أيّ جانبٍ من جوانب الأزمة اللبنانية، من اتّفاق مارمخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر، والذي كرّس الهيمنة الإيرانية على سياسة البلد، وسيادة البلد واستقلاله، إلى اتفاق معراب بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، والذي أمِلت منه القوات تخفيف التّوتّر " التاريخي" بين جمهوري الفريقين ومُناصريهم، وحلّ "عقدة" الجنرال عون بتولّيه رئاسة الجمهورية، علّه يحمل الإصلاح والتغيير( اليافطة التي حملها تيّاره طويلاً) إلى مؤسسات الدولة اللبنانية المتهالكة، فإذ به يرمي الدولة الشرعية في حُضن " الدُّويلة"، التى باتت هي المُهيمنة وصاحبة الحول والطول، وإذ حاول جعجع أن يُخفّف من وطأة وصول الجنرال عون إلى سدة الرئاسة الأولى، إلاّ أنّ ذلك لم يُقنع ولن يُقنع مُعارضي اتفاق معراب عام ٢٠١٦، الذين رأوا في هذا الاتفاق مغامرة غير محسوبة العواقب، إلاّ أنّ الدكتور سمير جعجع ما زال على صلابته ( مع حزب القوات ) في وجوب تصحيح مكامن  الخلل،  بإنهاء وجود السلاح غير الشرعي، واعتماد انتخابات نيابية مبكرة( أو في موعدها) لتجديد الحياة السياسية اللبنانية، وتأليف حكومة "مُستقلّين" تتصدّى للفساد وهدر المال العام وإصلاح المؤسسات العامة والمصالح المشتركة والمؤسسات الأمنية.

 

إقرأ أيضا : اختلاف المسلمين حول النبيذ واحتياط الحاج محمد رعد.

 
 

 

ولم يغب عن بال الدكتور سمير جعجع وقوفه بحزمٍ وحماس لدعوة " الحياد" التي أطلقها نيافة البطريرك الراعي، والتي رسمت خريطة طريق لمعالجة الأزمات المتراكمة، وفي مقدمها مُعضلة السيادة الوطنية والاستقلال، حتى يمكن القول بأنّ نهج القوات اللبنانية السياسي ما زال بارقة أمل أمام اللبنانيين التّواقين للخلاص من هذه الطبقة السياسية الفاسدة برُمّتها، صحيحٌ أنّ "زلّة" قدم تفاهم معراب عام ٢٠١٦، ما زالت هي النقطة السوداء الوحيدة التي لطّخت ثوب القوات اللبنانية الأبيض، منذ قبولها اتفاق الطائف عام ١٩٨٩ للخروج من أهوال الحرب الأهلية ومصائبها، ومنذ قبولها بحلّ قواتها المسلحة وتسليم سلاحها وفقاً لذلك الإتفاق، ومنذ دخول قائدها سمير جعجع السجن امتثالاً لإرادة السلطات " الشرعية" يوم ذاك، وجاء سلوك نُواب القوات ووزرائه دليلاً إضافيّاً على انخراطها الفعلي ضدّ الفساد ونهب المال العام، وهذا ما يشفع لها،  ويستثنيها من شعار " كلُّن يعني كلّن"، الذي قد يأخذ الصالح بالطالح والطائع بالعاصي والبريئ بالمذنب.

هل تُؤتي صيحة سمير جعجع أُكُلَها، أم تبقى صيحةً في واد؟!