هل يمكن للسياسة والساسة أن يعيدوا لنا سيادة لبنان، وقرار بيروت، بعد نصف قرن من العبث واللعب بمصيرنا، ويعود شبابنا من الغربة وأبناؤنا في بلدنا إلى إستنهاض الطاقات، وبناء دولة مدنية عادلة، تضمن كل الحقوق لجميع طوائفه وأبنائه، وتعيد وتنشر النشيد الوطني اللبناني من جديد؟؟..
 

لبنان يغلي، وبيروت تغلي كغلي الحميم، والسماء صامتة، والأرض خاوية وسكرى متفحمة، والشوارع ضجيج، والبيوت تنتظر سكانها، فلا رياح غربية وفرنسية باردة سوى رياح نفط الغاز العاتية، فلا مطر يصرخ في وجه الركام والتراب المعجون بأشلاء الضحايا، ولا شيء على قيد الحياة في بيروت سوى أنتِ بيروت، وزفير الأصوات من كل فجٍ، ما زالت صادحة ومكلومة تصمُّ الآذان، ولا من يسمع ليهزَّ جبين الفجر، ويُضمِّد جراحات الوجع، فالكل يريد بيروت، ولكن ليس مجاناً، والكل يريد الإقتراب، وليس لمن يقترب إلاَّ أن يضع أصابعه في آذانه، حذر الموت، لأنه مكتوبٌ عليكِ بالمجان، إطردي كل الحرَّاس الواقفين في كروم الأرز، وخلف شمس فيروز، وحرَّاس الموانئ والمرافئ، الذين يبيعون تعب الفقراء وعرق الفلاحين والعاملين في تنظيف الشوارع، يبيعونه خمراً للخمَّاريين في خمَّارة اللعب واللهو، ليكفَّ كبير السكارى عن اللعب بعفص نورس البحر، وبعفصة يمامة الساحات والأسقف في طين تراث الأقبية، لكي لا تبقين في الصراع اليميني واليساري، ولا يكون المستقبل داكناً أسوداً، وكأنه مكتوبٌ على شعب لبنان أن يبقى مسربلاً بالبؤس والفقر والظلم، ومحاطاً بخفير جماعة الأحزاب الذين يسرحون ويمرحون من دون حساب..

 

 لبنان بيروت، في مهب رياح العيون، تتقاذفنا العواصف من كل اتجاه وفي كل اتجاه، وليس في الأفق من عيونٍ صافية، تعيد لنا ولأجيالنا ولأولادنا الإطمئنان والثقة والطمأنينة، كي يستعيدوا الحلم لبيروت وللشعب بمستقبلٍ واعد.. الشعب يصرخ ويستغيث، لبنان يستغيث، وبيروت تستغيث، والسياسة اللبنانية لم تتعب ولن تمل، والسياسيون لم يعرفوا كلاً، ورجال الدين في السلطة لم يعرفوا تعباً، فصار الشعب وقوداً للأطماع والنوايا، فحرامٌ أن ترهنوا هذا البلد وشعبه وعاصمته ويبقوا متوجعين من سياساتكم الموجعة، ومشمئزين من رحمة رجال دين السلطة، فالكل يعلم بأنَّ الأوروبيين يبحثون عن مصادر الطاقة، والرووس يريدون المياه الدافئة، وفرنسا تريد الغاز، والصين مهتمة بالتجارة، وأميركا تلهث لهثاً وراء الذهب والمعادن والنفط، إنها لعبة الأمم. ولكن ترى هل يمكن للسياسة والساسة أن يعيدوا لنا سيادة لبنان، وقرار بيروت، بعد نصف قرن من العبث واللعب بمصيرنا، ويعود شبابنا من الغربة وأبناؤنا في بلدنا إلى إستنهاض الطاقات، وبناء دولة مدنية عادلة، تضمن كل الحقوق لجميع طوائفه وأبنائه، وتعيد وتنشر النشيد الوطني اللبناني من جديد؟؟..