المصادر حذّرت من، عودة مسلسل الاغتيالات مع كل استحقاقٍ سياسي، داعيةً الأجهزة الأمنية إلى اتّخاذ أقصى درجات اليقظة في هذه الظروف التي يمرّ بها لبنان. لأن البلد على كفّ عفريت الفتنة، وقد يطلّ من أيّ بابٍ، من أيّ منطقة أو طائفة أو دولة.
 

لا موعد بعد للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلّف، ولكن، للأسف، حتى اللحظة، ومع أن كارثة مرفاً بيروت عجّلت باستقالة تشكيلة اللاحكم بعد أشهر من كل أنواع الفشل، لا توجد مؤشرات على تبدّل يُذكَر، لا في النيات ولا في الممارسات. ولكأن البلد بألف خير، وعجلة الاقتصاد في ازدهارٍ مستمر، ولا انتشار مخيف لكورونا، فيما الحقيقة هي عكس ذلك تماماً، واللبنانيون يتطلعون إلى تشكيل حكومة علّها تكون، ولو لمرة واحدة مختلفة عن تجاربهم الأليمة وتحمل لهم أملاً بأداءٍ أفضل.

 


وعلى الرغم من عمق المأساة، وعلى الرغم من هبّة المجتمع الدولي لمساعدة محتاجي لبنان بشكل مباشر بعيدًا عن فساد المؤسسات الرسمية، إلا ان مخاوف المجتمع المدني تجاه تشكيل حكومة توافقية  لا تزال قائمة لا سيما فيما يتردد في الكواليس عن عودة أقطاب الزعامات السياسية الطائفية  نفسها. وآخر بدعها القيام بمشاورات تسبق الاستشارات وبقاء الامور على حالها بما يعني مكانك راوح .

 

وأمام هذا الواقع لا بد من التحذير من الوقوع في فخ إعادة انتاج السلطة الحالية القائمة على معادلة ابقاء السلاح وابقاء الزعامات الطائفية. 


وللخروج من دوامة اعادة انتاج الفساد لا بد من حل جذري يؤسس لدولة محايدة في سياستها الخارجية ، وتقوم على العدالة الاجتماعية الشاملة والشفافية في سياستها الداخلية، إذ لا خلاص حقيقي للبنان إلا عبر نقاط محورية جذرية ثلاث تنفذ تحت إشرافٍ دولي و وهي 

 


أولا إعلان لبنان دولة منكوبة من خلال تسلط منظومة حكم فاشلة وفاقدة للشرعية ، الوضع اللبناني أكثر من كارثيّ على كافة الصعد الانسانية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ويؤكّد بشكل لا لبْس فيه على أن السلطةالحاكمة في الدولة اللبنانية أكثر من  فاشلة وفاسدة بكل المقاييس، وأنّه لا ثقة في كافّة أجهزتها بما فيها الأمنية والقضائية ، بالنظر الى الزبائنية المتبعة الأمر الذي يتطلب حلول استثنائية وإنقاذ فوري حاسم. 

 


ثانيًا البدء بتحقيق دولي شامل لا يطال كارثة انفجار المرفأ وحسب، بل يشمل كل ملفات الفساد والسرقات ، ولا يستثني من الطبقة السياسية أحدًا ممن توالوا على حكم لبنان طيلة عقود ثلاث، كما لا يستثني الأجهزة القضائية والأمنية والمالية وغيرها وذلك لضمان الشفافية وإحقاق الحق وإعادة كافة الأموال المنهوبة. 

 


ثالثًا  تشكيل حكومة إنقاذ برعاية دولية وعربية وتطبيق فعلي للدستور. 

 

هذه النقاط الثلاث بطبيعة الحال ستكون مرفوضة جملة وتفصيلا عند الاقطاب السياسيين المعهودين الذين يسعون الى المراوغة مجددا بطرح حكومة وطنية توافقية تحت مسمى حكومة وحدة وطنية، وهذا الطرح ليس إلا إعادة انتاج للطبقة الفاسدة نفسها التي كانت ولا زالت تسرق اللبنانيين وتعيث في الأرض فسادًا وإهمالا، وتعني اعادة تدوير معادلة تغاضى عن السلاح لأتغاضى عن سرقاتك، إن تأليف حكومة بمشاركة هؤلاء الفاسدين ، يعني التغاضي عن الأموال المنهوبة من قبل الأطراف الأخرى. حكومة كتلك ستعيد انتاج مبدأ المحاصصة وتقاسم الثروات. 

 

 

إن حكومة الانقاذ المطلوبة لا تكون انقاذية إلا بنسف المنظومة السياسية الفاسدة برمتها، فالمطلوب حكومة عمل جادة من اختصاصيين من خارج منظومة الفساد كلّها تعمل ما هو مطلوب من إصلاحات توفّر الحد الادنى من مطالب صندوق النقد الدولي ليستعيد لبنان صدقيته ومصداقيته في العالم وللاستفادة من قروض وهِبات الجهات والحكومات المانحة. ويعيد الثقة المفقودة داخليّاً بتوفير الخدمات الأساسية. 

 

 

إن تشكيل حكومة إنقاذ ينبغي ان تكون مهمتها الاولى حل الاحزاب وسحب السلاح من أيدي الميلشيات واعادة الاموال المنهوبة والذهاب الى انتخابات نيابية ، حكومة كتلك من المتوقع ان ترفضها القوى السياسية المهيمنة، وعليه فإن قوى الأمر الواقع تجبر اللبنانين وتخيرهم بين حكومة شكليّة على مزاجهم مع بعض التنميقات الشكلية أو الذهاب الى حرب داخليّة. 

 

إقرأ أيضا : قرار المحكمة الدولية وانعكاسه على تشكيل الحكومة

 

 


أخيرا وتحسبًّا للسيناريو الكارثي الاسوأ فإن على المجتمع المدني المطالبة اليوم وأكثر من أي يوم مضى، بوحدة الصف حفاظاً على لبنان والعمل على انقاذ ما تبقى من اللبنانيين المنكوبين عبر تشكيل حكومة انقاذ من مختصين، وفرض نفسها على اركان منظومة ، وإرغامها على الانصياع لمطالب أكثرية اللبنانيين . 

 

 

 وسط كل هذه الضبابية السياسية، تصدّرت جريمة كفتون في الكورة المشهد يوم أمس، وذلك في مؤشرٍ خطير إلى حجم التفلّت الأمني الذي يعيشه البلد. وفي حين لم تظهر بعد نتائج عن التحقيقات، وتتضارب المعلومات حول ما جرى، أشارت مصادر نيابية شمالية عبر "الأنباء" إلى أن الجناة ربما كانوا يستهدفون شخصيةً سياسية كانت تزور المنطقة، ولم يكونوا بقصد التنزّه أو السرقة، الأمر الذي يؤشّر إليه ما تمّ ضبطه في سيارة المجرمين من ذخائر وأسلحة، حيث تشير التحقيقات إلى أن ما كان يجري التحضير له هو عملٌ إرهابي. 

 

 

المصادر حذّرت من، عودة مسلسل الاغتيالات مع كل استحقاقٍ سياسي، داعيةً الأجهزة الأمنية إلى اتّخاذ أقصى درجات اليقظة في هذه الظروف التي يمرّ بها لبنان. لأن البلد على كفّ عفريت الفتنة، وقد يطلّ من أيّ بابٍ، من أيّ منطقة أو طائفة أو دولة.