إن الثورة الحسينية هي ثورة حياة وثورة محبة وثورة إصلاح، ثورة ضد الظلم وضد الحرمان وضد الإهمال وضد الفقر، وثورة ضد الإستعباد والعبودية والشخصانية، تلك هي معاني الثورة الحقيقية للإمام الحسين وهي بالتأكيد الثورة التي تبني الوطن والامة والمجتمع.
 

تنطلق اليوم مراسم الإحتفالات بذكرى عاشوراء، ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام وسبط رسول الله صلى الله عليه وآله، هذه المناسبة وإن أخذت أبعادها الطائفية والمذهبية فأصبحت حكرا على الشيعة وحدهم لاعتبارات عديدة، إلا أنها ما زالت لدى كثيرين من عموم المسلمين محل اهتمام وإلهام لكثير من الثائرين والمصلحين عبر التاريخ بالنظر لما تمثله ثورة الإمام الحسين عليه السلام من رؤى واضحة وجليلة لأي فكر ثوري ومن ركائز أساسية في مواجهة الفساد والإنحراف والظلم والحرمان. 

 

 

عبر الإمام الحسين بثورته حدود المكان والزمان والدين وجعل من هذه الثورة ثورة إنسانية أخلاقية عالمية  تجاوزت كل الحدود المذهبية والدينية حيث رسم بثورته أروع صور التحدي في مواجهة الظلم، وأروع الملاحم في الإصرار على الإصلاح المجتمعي وتحرير الإنسان من العبودية والظلامية والإرتهان للأصنام البشرية التي شكلت في ذلك الحين أبشع الصور وأخطرها والتي هددت المجتمع الإسلامي كله بالإنهيار التام أمام سطوة الفساد والظلم والتحريف.

 

 

وقال الإمام الحسين حينها لكل السائلين عن جدوى خروجه: "إني لم أخرج أشرا ولا بطرا وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق".

 

 

حدّد الإمام الحسين أحد أهم أهداف خروجه وهو الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو بلا شك هدف الرسالات جميها، وهو أيضا واجبه كإمام وخليفة للمسلمين، فرض الامام عليه السلام خياراته ولو كان الثمن استشهاده، فاستشهد وعدد كبير من أبنائه وأصحابه وأهل بيته دفاعا عن حقوق الأمة ليسطّر بذلك أروع صور التضحية والوفاء في سبيل الاهداف الإنسانية النبيلة، وليؤكد بفعله وهو الإمام المعصوم أن الإصلاح واجب حد التضحية وأن محاربة الظلم والفساد أمر واجب وضروري حد الإستشهاد، وهذا كله من أبسط  ما يمكن أن نستفيده من ثورة الإمام الحسين عليه السلام التي تعتبر مدرسة متكاملة فيها من العبر والمفاهيم ما لا يمكن إيجازه.

 

إقرأ أيضا : ملائكة الرئيس بري على طاولة ماكرون!!

 

 

الإصلاح  ومحاربة الفساد أحد أبرز عناوين ثورة عاشوراء وعلى أهميته يجب أن يكون مرتكزا لأي إحياء حقيقي لأنه من ضرورات الثورة الحسينية المباركة ولأنه من الأهداف الرئيسية لهذه الثورة.

 

 

اليوم يعيش اللبنانيون أسوأ  مرحلة في تاريخهم الامر الذي يقتضي أن يكون الاحتفال بهذه المناسبة على مستوى الازمة الإجتماعية التي يعيشها لبنان في مختلف المجالات، وينبغي أن تتجه المنابر وبالرغم من اقتصارها هذا العام على التواصل الاجتماعي الى لمّ  الشمل وبث الوعي وتحفيز  خطاب التلاقي بين اللبنانيين لأن أحدا لا يمكنه تجاوز هذه الازمة غير اللبنانيين أنفسهم وهم وحدهم القادرون انتشال وطنهم من تحت الأنقاض .

 

 

هذا العام المسؤولية مضاعفة أمام تراكم الازمات فلا للتضليل ولا للتحريض ولا للتهويل  ويجب ان يكون الحسين فرصة لاستنهاض الامة والمجتمع لكل ما هو أفضل ووضع خارطة طريق لاستعادة الدولة والمؤسسات من خلال التأكيد على ثقافة المواطنة والانتماء للهوية الوطنية وحدها.

 

 

محاربة الفساد وهو أحد أبرز  عوامل تدمير البلد وهو القضية الاساس التي يجب أن تكون في خطاب عاشوراء لأنه القضية التي خرج من اجلها الإمام الحسين " إنما خرجت لطلب الإصلاح" لذلك يجب أن نستلهم من هذه الذكرى كل معاني العمل تجاه محاربة هذه الآفة التي ضربت وطننا لبنان وقضت على كل آمال وطموحات الشعب اللبناني ليكون إحياء عاشوراء  أكثر وعيا ومسؤولية بعيدا عن الاحياء  المرتبط بالبعد الطائفي او الحزبي الذي لا يبنى عليه تحرير وطن او استعادة دولة .

 


  
إن  الثورة  الحسينية هي ثورة حياة وثورة محبة وثورة إصلاح، ثورة ضد الظلم وضد الحرمان وضد الإهمال وضد الفقر، وثورة ضد الإستعباد والعبودية والشخصانية، تلك هي معاني الثورة الحقيقية للإمام الحسين وهي بالتأكيد الثورة التي تبني الوطن والامة والمجتمع.