كنت في المطعم وكانت تعرض مباشرةً مباراة لفريق السنيغال، وأثناء رفع العلم وعزف النشيد ( الوطني) لدولتهم وقف العمال الستة أكتافهم إلى بعض يغنون النشيد والدموع في عيونهم، وأيديهم على صدورهم، تاركين خلفهم طلبات الزبائن، رغم أنهم أُجراء بالغربة ولا يتعدى راتبهم دولارين في اليوم، ورغم أن فريقهم خاسر لكنهم بقوا يشجعونه إلى آخر رمق في صفارة النهاية..!

 

وأنت تمر في الضاحية الجنوبية، إن تناولت إيران بسوءٍ يمكن أن يمسح بك الأرض أي شخص لا ماء عنده ولا كهرباء، ولا وظيفة ولا حتى قرش في جيبه، وإن أكملت الطريق نحو المدينة الرياضية وتناولت المملكة بسوءٍ يمكن أن يمسح بك الأرض أي شخص مكسور على أجرة بيته خمس شهور، ومدخراته محبوسة في قفص المصرف، وأمه محتجزة في الطوارئ لفاتورة مشفى، وإن أكملت الطريق نحو الشرق بالقرب من البيوت المهدمة وتناولت فرنسا أو أمريكا بسوءٍ، يمكن أن يمسح بك الأرض أي شخص خرج من تحت الأنقاض وابنه أكلت شظايا الزجاج نصف وجه، وأمه دُفنت البارحة، وبقايا أشلاء جاره طعام للسمك في عرض البحر .

 

نختلف على كل شي إلا على الانتماء، نختلف في الدين على من قتل عثمان، ونختلف في الفن على كلمات الأغنية، وفي الرقص على فتحة الثوب، وفي الأناقة على طول الكم، وفي الرسم على الألوان، وفي التاريخ على شوارب فخر الدين، وفي الجغرافيا على طول النهر، وفي الحب على لون الوردة . 


أعيدوا لي غازي كنعان ليضبط السير بحذاء الجندي، ويشكل حكومة على نوعية عطر نساء الوزراء، وفتحة التنورة، وكحل العينين، فإني فاقد الأهلية في أن أرسم حلم.


 أعيدوا لي البائع المتجول الذي يستبدل شحاحيط البلاستيك، والتنك القديم والحديد المصدي، وطناجر الالمنيوم، بعلكة شامية أو بوالين ملونة، أو حلاوة طحينية، كي أبيع الهوية أو أستبدلها بعلكة، أو بالون، أو قطعة حلاوة .

 


علي شاهين