وفي هذا الوقت من المؤكد اننا لا نزال في المربع الاول من عملية تشكيل الحكومة، والتي يمكن ان تطول في ظل حكومة تصريف الاعمال وهذا ما يعني بأن الاستشارات الملزمة مؤجلة حتى اشعار اخر .
 

منذ استقالة حكومة المستشارين، بدأ الحديث في الأوساط المحلية والدولية حول شكل الحكومة المقبلة، حيث رفعت الخطوط الحمراء أمام تلك التي قد تصنف حيادية، على قاعدة فشل حكومة تصريف الأعمال الحالية، في المقابل كان هناك من يرفع الخطوط الحمراء بوجه العودة إلى صيغة الوحدة الوطنية.

 


في الشكل الكلّ، محلياً وخارجياً، يريد تشكيل الحكومة الجديدة بأسرع وقت ومستعد للتسهيل، وفي المضمون الكل يضع الشروط المتضادة على تشكيلها. المبادرة الفرنسية لا تزال مطروحة، ولم يبدِ الموفد الأميركي، ديفيد هيل، معارضةً لها، إلّا أنه عبّر بوضوح عمّا تنتظره الإدارة الأميركية من هذه الحكومة، إن لناحية الإصلاح بدءاً من الكهرباء، أو حماية كل المعابر البرية، والجوية، والبحرية، بما فيها مرفأ بيروت، وضرورة إلقاء القبض على كل من تثبت إدانته في جريمة التفجير، ما يعني أن التحقيق في جريمة المرفأ تحت المجهر الدولي، فيما وزير خارجية إيران كان يعلن شروطاً معاكسة عارض فيها الاستعانة بمحققين دوليين، وانتقد وجود البوارج الحربية في المياه الإقليمية اللبنانية. وبين الرجلين وما يمثّلان، ومن يمتثل لهما، لا مؤشرات حكومة بعد.

 

 

فشل حكومة دياب لا مجال للجدال فيه، بمعزل عن الظروف التي احاطت بتجربتها حيث تولت السلطة في مرحلة كانت الهاوية تتسع ،لكن هذا الامر لا يبرر لها عدم قدرتها على القيام بالكثير من الامور بشكل أفضل 
والحكم بفشل التجربة يفترض السؤال عن التجارب السابقة، التي كانت في معظمها تمثل حكومات وحدة وطنية أو لم شمل، فهل هي كانت ناجحة أم كانت السبب في الحال الذي وصلت إليه البلاد، لا سيما على المستويين الاقتصادي والمالي؟ فهذا النوع كان أساس لعبة المحاصصة التي كانت السبب في كل الموبقات التي عرفتها البلاد على مدى سنوات طويلة.

 


وانطلاقاً من ذلك، يمكن الجزم بأن التجربة التي تريد معظم الكتل الأساسية، في الوقت الراهن، تكرارها لا تقل سوءاً عن حكومة تصريف الاعمال الحالية، بل على العكس من ذلك تفوقها بأضعاف. الصراع القائم، على المستوى المحلي، حول شكل الحكومة المقبلة، يعكس صراعا آخرَ على المستوى الخارجي، لا سيما بعد أن تحولت البلاد، على خلفية الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، إلى حلبة صراع بين القوى الاقليمية والدولية الطامحة إلى حجز موقع لها، بدليل السجال الذي ظهر بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والتركي رجب طيب أردوغان في اليومين الماضيين.

 

إقرأ أيضا : إنتفاضة 17 تشرين والتحديات الراهنة

 

 

في هذا المجال، يمكن الحديث عن صراع أعمق، ما خفي منه أخطر مما ظهر، تشارك فيه القوى المحلية بشكل أو بآخر، من دون أن تملك أي حس بالمسؤولية. ما تقدم يدفع إلى السؤال عما إذا كان المطلوب في لبنان البحث في شكل الحكومة المقبلة أو المطالبة بانتخابات نيابية مبكرة، في حين قد يكون من الأفضل حصر النقاش في بعض العناوين الأكثر أهمية، التي تبدأ من الإصرار على التحقيق والمحاسبة في كل الجرائم المرتكبة، في الفترة الماضية، لا سيما على المستوى المالي، مع الحرص على ألا يتم تحاوزملف مرفأ بيروت، وأن تكون المعركة السياسية الوحيدة التي يجب خوضها هي معركة قانون الانتخاب.

 

 

في المحصلة، السجال حول شكل الحكومة سيعيق تشكيلها، خصوصاً أنه يتخطى الساحة المحلية، بعد أن بدأت بعض الجهات الاقليمية والدولية تطرح رؤيتها بصورة علنية، وهدفها ليس البحث عما يريده الشعب اللبناني.
 وفي هذا السياق عبرت مصادر القوات اللبنانية عن رفضها أي حديثٍ عن حكومة وحدة وطنية، أو حكومة سياسية، لأن حكومات الوحدة الوطنية هي التي أوصلت البلد إلى ما وصلت اليه. وهي إذ تؤكد أنها، مع حكومة حيادية تدعو إلى تشكيلها من، وزراء نزيهين ومشهود لهم بالخبرة والكفاءة، ويكونوا قادرين على العمل والإنتاج.

 


مصادر كتلة المستقبل أكّدت على، ثوابت الرئيس سعد الحريري الرافض لأية تنازلات، وأنه لن يقبل بتشكيل الحكومة إلّا وفق شروطه، وهي حكومة اختصاصيين حيادية مدعّمة بصلاحيات استثنائية، وبرعاية دولية تجعلها قادرة على إعادة البناء، والولوج في الإصلاحات التي طال انتظارها.

 

 

مصادر المستقبل ردّت على كلام أمين عام حزب الله، حسن نصراللّه، بالقول فليشكّل الحكومة كما يريد، وخير مثال على ذلك حكومة حسان دياب، مشيرةً إلى أن، الكباش الحكومي عميقٌ جداً، ولا حلّ للأزمة إلّا من خلال الضغوط الخارجية، لأن تمسّك نصراللّه بالحكومة السياسية ينسف كل جهود محاولات تدوير الزوايا التي تجريها بعض القوى السياسية.

 


وفي هذا الوقت من المؤكد اننا لا نزال في المربع الاول من عملية تشكيل الحكومة، والتي يمكن ان تطول في ظل حكومة تصريف الاعمال وهذا ما يعني بأن الاستشارات الملزمة مؤجلة حتى اشعار اخر .