لفت ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​، في عظته بمناسبة عيد سيّدة الانتقال - ​الديمان​، الى أنه "لو كنّا في حزنٍ شديد لما خلّف ​انفجار​ ​مرفأ بيروت​ في 4 آب الحالي، من ​ضحايا​ وجرحى ومفقودين ومشرّدين واضرارًا ماديّة وهدمًا لمنازل و​مستشفيات​ ومدارس وجامعات وكنائس ودور عبادة ومؤسسات عامّة وخاصة صناعيّة وتجاريّة وسياحيّة، فأود أن أهنّئكم جميعًا بعيد سلطانة الانتقال، لا بوجهه الاجتماعي المفرح، بل بمعناه الروحي واللاهوتي المعزّي: مريم بأمومتها هي هنا معنا تكفكف الدموع وتعزّي وتحتضن بكلّ حنان الام. فمن عظائم الله انه جعل لنا في السماء أمًا، أمومتها لا تموت وحضورها لا ينقص".

 


وأكد "أننا كأبناء ل​مريم العذراء​ الكلية القداسة، نسير في موكب الذين واللواتي يطوّبونها من أجل عظائم الله فيها، منذ الفي سنة. نطوّبها لأن الله، في سرّ تدبيره، عصمها من دنس الخطيئة الأصلية الموروثة من أبوينا الأوّلين، لتكون الأم الطاهرة لابنه الالهي الذي سيأخذ جسدًا بشريًا منها، ويتمّ به عمل الفداء. وهي بدورها عَصمت نفسها من أيّ خطيئة شخصيّة بقوّة النعمة الإلهيّة التي كانت تملأها"، مشددا على أن "​البطريركية المارونية​ لم تعمل من أجل ​الموارنة​، بل من أجل ​لبنان​، وكل اللبنانيين مسيحيين ومسلمين. فوطننا مبني على التعددية الثقافية والدينية، وعلى العيش بالمساواة وبالجناحين المسيحي والمسلم، وعلى الديمقراطية والانفتاح والحريات العامة، كما أقرَّتها شرعة ​حقوق الانسان​، وعلى ​الاقتصاد​ الليبرالي الاخلاقي الضامن لكرامة الشخص البشري".

 

 

وأشار الى أنه "من هذا المنطلق، والشّعب اللبناني بأسره والأسرة الدولية سئما أداء الطبقة السياسية المتحكّمة بمصير لبنان، دولةً وكيانًا وشعبًا، وحجَبا الثقة بها، إنّ البطريركية تطالب بأن يكون كلُّ حلٍّ سياسي منسجمًا حتمًا مع ثوابت لبنان ومع تطلّعات اللبنانيّين ونهائية الوطن وهويته اللبنانية وانتمائه العربي وميثاقه الوطني. يجب على كلّ حلٍّ أن يحترمَ الشراكةَ ​المسيحية​ - الإسلامية بما تمثل من وحدة روحية وثنائية حضارية من دون تقسيم الديانتين وابتداع طروحات من نوع المثالثة وما إلى ذلك"، مؤكدا أن "ثوابت لبنان كلٌّ لا يتجزَّأ. الانقلاب على جزءٍ هو انقلابٌ على الكلّ. إنّ المسَّ بأسُس الشراكة هو مسٌّ بالكيان. ونحن متمسّكون بالكيان وبالشراكة. إنّ تطوير النظام ينطلق من تحسين آليّات العمل الدستوري والمؤسّساتي لا من تعديل الأديان والشراكة المسيحية الإسلامية".

 

 

ورأى الراعي أن "أيَّ حلٍّ لا يتضمّن الحياد الناشط واللامركزيّة الموسّعة والتشريع المدني ليس حلًّا بل مشروع أزمة أعمق وأقسى وأخطر. إن البطريركيّة، القوية بإيمانِها وبشعبها وأصدقائها، تحتفظ بحق رفض أي مشروع حلٍّ يناقض علّة وجود لبنان ورسالته وهويّته المميزة. فلنرفع أفكارنا وعقولنا وقلوبنا الى أمّنا مريم العذراء، سلطانة الانتقال، ولنسلِّمْها ذواتنا".