نعود مجدداً الى نغمة حكومة الوحدة الوطنية، ومحاولة حلحلة الموضوع على الطريقة اللبنانية المعروفة، حصّص للجميع داخل الحكومة المقبلة، وكأنّ ما حصل هو حادث تصادم على الطريق السريع وليس انفجار فضيحة سبب الموت والدمار لمواطنين ابرياء.

 

هل الاتجاه نحو حكومة وطنية ناتج من انّ المأساة التي اتت فوق مصائبنا، تطاول عدداً كبيراً من المسؤولين من مختلف الاتجاهات السياسية، ويحق للمواطن بالتالي ان ينظر اليها كحكومة «مرقلي تمرقلك»، كما واننا نعيش في حالة من الاتهامات المتبادلة، منها غير منطقية، ولكننا نتفرج لأننا لا نعلم اين الحقائق؟

 

أود ان الفت نظر الجميع، وكما ذكرت سابقاً، انّه لو كانت لدينا الشفافية المطلقة لكنا ادركنا من يتحمّل المسؤولية عن هذه الفاجعة، لا بل لو كانت الشفافية موجودة لكان من المحتمل جداً ان لا تقع، لأنّه كان يكفي ان يعرف بدخولها اي مواطن مطلع على خطورة «نيترات الامونيوم» ليشارك الموضوع على «السوشيل ميديا» والاعلام، وكانت ستتحرّك جهات مختلفة منها، وحتماً سكان المنطقة القريبة، مطالبين بإزالة شحنة الموت من جانب منازلهم.

 

كنا نظن انّ مصائبنا اكتملت وتبيّن لنا اننا على خطأ. والآن، أصبحنا نخشى مصائب لا نعرف من أين تأتينا. الم تستوعب الطبقة السياسية كلها، انّ الثقة قد فُقدت، وانّ المواطن لم يعد يصدّق ما يُقال له، وأنّه يحتاج اليوم الى ان يكون في صلب القرارات بالفعل والتطبيق وليس بالشعارات والوعود والتمنيات.

 

يحتاج المواطن اليوم الى ان يشرف على كل التفاصيل، وان يعرف الارقام وصرف المال العام والمساعدات والقرارات التي تمسّ حياته وأمنه ولقمة عيشه ومستقبل ابنائه في هذا الوطن.

 

وبالتالي، مهما كان شكل الحكومة او حجمها او تسميتها، يجب ان تفرض على نفسها الشفافية المطلقة، كما على كل مؤسسات واعمال الدولة.

 

الطريق الوحيدة لحكومة تحوز ثقة المواطن، هو ان تلتزم الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة، واعتماد حكومة مفتوحة تكون اعمالها كلها مكشوفة للرأي العام. الشفافية تحمي الحكومة من نفسها، وتجعلها تدخل في شراكة حقيقية مع المواطن اللبناني، الذي بات يمتلك وعياً كاملاً حول اهمية المعلومات كما خطورة اخفائها والتستر عليها.

 

لقد دفع اللبناني من دمه وماله ضريبة انعدام الشفافية وتمرير الصفقات تحت جنح الظلام وتحت الطاولة، حيث بات يشعر انّه تتمّ خيانته في كل لحظة، في ظل منظومة تتقاذفها المصالح الشخصية والمحسوبيات والصراع حول قطعة الجبنة.

 

ملاحظة اخيرة، اعرف انّ الخسارة والالم كبيران امام حجم المأساة، ولكن هذه الخسارة يجب ان لا تنسينا المأساة الاقتصادية التي نواجهها، والتي نصرّ ان نعرف من المسؤول عنها، هذه المأساة التي تستهدف الشعب اللبناني كله، وبالتالي يجب ان لا تتوقف المطالبة بنشر التقارير المالية للشركات التي دققت في حسابات مصرف لبنان لسنوات، يجب نشر التقارير حتى قبل ان تتسلّم شركة جديدة التدقيق، هذه التقارير هي حق للشعب اللبناني.