فقد وردت عبارة الحرب الأهلية على لسانه أكثر من خمس مرات، ولم يُرشدنا للطّرف الثاني، أو الأطراف التي يمكن أن تتورط بها( طالما أنّ الطرف الأول معروف)، لذا دعا نصرالله مُحازبيه ومناصريه للإحتفاظ بالغضب الساطع ليوم تلك الحرب التي ستودي بلبنان بلا ريبٍ ولا شكّ إلى حيثُ ألقت رحلها أمُّ قشعمِ.
 

في خطابه بالأمس اعاد السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله اللبنانيين بالذاكرة، إلى ما قام به غداة قيام الانتفاضة الشعبية في السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩، حين تطوّع لحماية النظام اللبناني " الفاسد" وأركانه، من رئيس الجمهورية إلى رئيس مجلس الوزراء( سعد الحريري آنذاك)، إلى رئيس مجلس النواب السرمدي نبيه بري، ونصح اللبنانيين يومها بالإقلاع عن أية محاولة تهدف للنّيل من الفاسدين وناهبي المال العام( والغافلين حديثاً عن القنابل شبه النووية المزروعة وسط الأهالي)، وهاهو السيد نصرالله بالأمس يُجدّد حمايته لرئيس الجمهورية( مع إبداء أسفه الشديد لما نال الرئيس من أقذع الشتائم والإهانات)، وهو يُشيد بصلابة وقُوّة وشهامة العسكري-السياسي الذي اعتلى سدّة الرئاسة الأولى في غفلةٍ من الزمن، مُتناسياً هروبه من القصر الجمهوري عام ١٩٨٩، وتركه عائلته وبناته في القصر ( ولولا شهامة إيلي حبيقة لافتُضحّن على يد الضباط السوريين)، وكعادته راح السيد يُوزّع شهادات الوطنية والفخار، فخصّ بالذكر رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب ووزرائه " الأشاوس"، وكأنّ جريمة تدمير مدينة بيروت فوق رؤوس أهلها لم تتُمّ تحت أنظارهم وبعلمهم، وبفضل جهلهم واستهتارهم، ويمكن القول بفضل حقارتهم، وهذه ليست من أقذع الشتائم والإهانات.

 

إقرأ أيضا : اجتماع الخليلين مع الأخلّاء بري وباسيل.

 


المهم أنّ سماحته غسل يديه بالأمس من دم أبناء بيروت ولبنان الكبير، ومن فوق الركام وأنين الثكالى والأيام، كرّر القول بأنّ حزب الله لا يعلم ما في مرفأ بيروت، كما أنّه لا يعلم أشياء كثيرة في البلاد، على قول النواسي: " علمت شيئاً وغابت عنك أشياءُ"، يعلم السيد ما في حيفا وديمونا ولا يعلم ما يبعد عنه أميالاً معدودات، لذا يمكن الإنتقال بيُسرٍ وسهولة لتأليف حكومة " وحدة وطنية" من ذات القماش الوطني القديم الذي جلب الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وعلى يد أمهر الخياطين( نصرالله وباسيل وبري) والحريري الذي ناله بعض التّهديد فيما لو حاول التّهرب من " واجباته الوطنية"، حكومة وحدة وطنية على اعتبار عدم وجود رجال " حياديّين" في لبنان، رجال وطنيّين غير فاسدين أو مُرتهنين للأحزاب والميليشيات، ومُنزّهين عن مشاريع المحاصصات الطائفية وتوزيع المغانم ونهب المال العام.

 


في الختام عاد السيد عن اللهجة " المعتدلة" التي ظهرت في خطابه الأخير بعد كارثة الرابع من شهر آب الحالي، عاد إلى لغة التهديد والوعيد و" التحذير" من مخاطر الحرب الأهلية ( تلك الحرب التي يعمل حزبه بلا كللٍ ولا ملل على تهيئة الظروف المناسبة لاندلاعها)، فقد وردت عبارة الحرب الأهلية على لسانه أكثر من خمس مرات، ولم يُرشدنا للطّرف الثاني، أو الأطراف التي يمكن أن تتورط بها( طالما أنّ الطرف الأول معروف)، لذا دعا نصرالله مُحازبيه ومناصريه للإحتفاظ بالغضب " الساطع" ليوم تلك الحرب التي ستودي بلبنان بلا ريبٍ ولا شكّ إلى " حيثُ ألقت رحلها أمُّ قشعمِ".

 


وأمُّ قشعم هي كناية عن الحرب أو المنيّة أو النار أو الهلاك، أو ما شئت من هذه المرادفات.