عين الدولة التي لا تنام على مقالة مُعترضة، أو تكسير صورة رئيس، تنام وتستيقظ على تدمير مدينة آهلة بالسكان وتشريد أهلها.
 

صورتان مأساويّتان تختصران مأساة لبنان بعد الزلزال "النّووي" الذي ضرب مدينة بيروت وضواحيها الشرقية والشمالية، صورتان لمُواطنَين عاديّين، لم يخطر ببالهما يوماً أنّهما سيكونان محطّ أنظار المواطنين، الصورة الأولى للنّاشط موريس شمعة، الذي قام بتحطيم صورة رئيس الجمهورية " الدُّمية"، في وزارة الخارجية أثناء اقتحامها من الثوار قبل يومين، موريس شمعة كان يحاول الإنتقام لمئات الضحايا وآلاف المصابين وعشرات آلاف المشردين والبائسين، ومئات آلاف المنكوبين والمفجوعين والمذهولين والمصدومين في بيوتهم وأعمالهم وأرزاقهم ووسائل عيشهم، والدولة التي كانت غافلة عن وجود أطنان المتفجرات المُخزّنة في مرفأ بيروت طوال ستّ سنوات ( وهي مُخزّنة بطريقة غير قانونية )، رغم وجود كلّ الأجهزه الأمنية في حرم مرفأ بيروت( مُضافاً إليها بالطبع الأجهزة الأمنية للحزب الحاكم)، لم تتمكن هذه الدولة المتهالكة من الوقوف على مخاطر هذه " القنبلة النووية" قبل انفجارها في الرابع من شهر آب الحالي، ها هي بالأمس تتمكن من رصد "المخاطر" التي سبّبها ، ويمكن أن يُسبّبها في المستقبل، المواطن " المُخرّب" والخارج على القانون موريس شمعة، لذا كان لا بدّ من اعتقاله وسوقه مُكبّلاً بالحديد ليقف أمام قوس " العدالة" بعد أن يكون قد أُشبع ضرباً وتقريعاً وتعنيفاً، وجعله عبرة للمعتبرين،  عين الدولة التي لا تنام على مقالة مُعترضة، أو تكسير صورة رئيس، تنام وتستيقظ على تدمير مدينة آهلة بالسكان وتشريد أهلها.

 

إقرأ أيضا : أيُّها العونيون..سترون إلى أيّ مُنقلبٍ تنقلبون

 


الصورة الثانية هي للمواطن "الشيعي" المرحوم علي مشيك، الذي استشهد في قنبلة الرابع من شهر آب، ومشيك هو ربّ أسرة مكوّنة من أربعة أفراد، كان يحاول أن يكون " مواطناً" صالحاً، فلم يلتحق بتيار المقاومة والممانعة، أو ينتسب لسرايا المقاومة براتب حوالي خمسمائة دولار أمريكي( تبلغ اليوم حوالي أربعة ملايين ليرة لبنانية في السوق السوداء)، كان مشيك يحاول ان يكسب لقمة عيشه بعرق جبينه، خرج يعمل حمّالاً في مرفأ بيروت لقاء " دراهم" معدودة، فداهمتهُ "قنبلة" العهد في مكان عمله، وأراحته من هموم الدنيا وبلاويها، وتركت زوجته أرملة وأولاده يتامى، عسى أن ترعاهم عين الدولة البوليسية التي لا تنام عن اعتقال المواطن الخائن الذي تجرّأ على تكسير وإهانة صورة الرئيس " القوي".