بالطبع لن يكون من هذه الطبقة السياسية الفاسدة، والتي أفسدت البرّ والبحر والجو، وما زالت مُمسكة بتقاليد الحكم، وبمعاقبة هذا الشعب اللبناني الصابر المحتسب.
 

لعلّه من الطبيعي أن تتستّر أو تتنصّل إسرائيل من جريمة تفجير مرفأ بيروت، الجريمة التي دمّرت مدينة بكاملها، وأوقعت مئات الضحايا وآلاف المصابين، والتي ترقى إلى جريمة حرب وإبادة، كما كان من الطبيعي أن يُلاقي حزب الله إسرائيل في عدم تحميلها مسؤولية هذا الإنفجار الخطير والمُرعب، والإكتفاء بالصّمت، على غير عادته، وتجنُّب تحميل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ارتكاب هذه الجريمة.

 

إلاّ أنّ ما هو غير طبيعي ومُستغرب ومُستنكر ومُفجع، هو هذا الإضطراب الإداري والإستخباري والقضائي والحكومي الذي رافق رُسُوّ تلك الباخرة (روسوس) والتي تحمل 2750 طنّاً من مادة نيترات الأمنيوم الشديدة الإنفجار والخطورة: لماذا قصدت مرفأ بيروت هذه الباخرة التي قيل أنّ وُجهتها كانت دولة موزامبيق، ومن ثمّ من أمر بحجز الباخرة وإفراغ حمولتها والتّحفّظ عليها؟ ومن أمر بإطلاق طاقمها بعد ثلاث سنوات من الإحتجاز؟ ومن ثمّ من هي الجهة التي أصرّت على الإحتفاظ بالقنبلة "النووية" في مرفأ مدني ومدينة مأهولة بالسكان، وسط تضاربٍ فظيعٍ في المراسلات التي تداولها مسؤولون إداريّون وأمنيون مع القضاء والوزارات المعنية، وكيف يمكن لوزير مالية ( علي حسن خليل ) الذي كان قد ملأ الدنيا وشغل الناس صخباً واختيالاً و"هوبرة" باعتباره المساعد الشخصي واليد اليمنى لرئيس مجلس النواب نبيه بري( حامل الأمانة وصمّام أمان البلد)، أن يكتفي بالتأشير على الكتاب الوارد من إدارة مرفأ بيروت، يُحذّر من الإحتفاظ بنيترات الأمنيوم في المرفأ بإحالته على قاضي الأمور المستعجلة( في حين كان القاضي غير مُستعجلٍ أبداً، ولعلّ يدهُ كانت مغلولة إلى عُنقه)، مغلولة ممّن؟

 

إقرأ أيضا : تفجير مرفأ بيروت، كارثة وطنية وحُكّامٌ سفلَة

 

 

ذلك علمُه عند علّأم الغيوب، وعند وليّ أمر الأمّة، والحاكم بأمره، ويُستحسن عدم الإسترسال والإكتفاء بالتّحفّظ، وذلك خوفاً من العقاب الذي ينتظر كلّ من يحاول الإقتراب من الحقيقة، الحقيقة التي ستكشفها لنا بلا ريب!! اللجنة التي ألفها مجلس الوزراء لكشف أسباب وملابسات الجريمة المُروعة، وذلك خلال خمسة أيام فقط، مع فرض الإقامة الجبرية على المُتورطين والذين في غالب الأمر سيبقون مجهولين، وسيحتفظون بمناصبهم، والحُكّام السفلة ما زالوا في مواقعهم وعلى كراسيهم، وإن عُرف واحدٌ من المتورطين،  فهو بالطبع لن يكون من هذه الطبقة السياسية الفاسدة، والتي أفسدت البرّ والبحر والجو، وما زالت مُمسكة بتقاليد الحكم، وبمعاقبة هذا الشعب اللبناني الصابر المحتسب.