وأمام حالتَي الفساد السياسي والمالي هاتين لا توجد جهة خارجية واحدة مستعدة لمساعدة من ألحق بنفسه أضراراً لا يزال مصرّاً عليها.
 

الأزمة الاقتصادية، التي يعاني منها لبنان هي باتت جائحة مستفحلة انعكست على حياة اللبنانيين بأسوأ ما يمكن تصوّره. والأزمة المالية، فتعاني من عجز حكومي إداري فادح، ورغم المآسي التي تسبّبت بها حتى الآن، فإن الخبراء يقولون إنها لا تزال في بدايتها.

 

دول الخليج وفرنسا وبريطانيا، وحتى الولايات المتحدة، كانت ولا تزال معنية بمساعدة لبنان، لكنها لم تعد تعرف أي لبنان تمكن مساعدته: أهو لبنان حزب الله الذي تقلّب سياسياً مع هذا الحزب حتى غدا مصدر تهديد أمني إقليمي ودولي، أم لبنان المافيا الذي تلاعب بأمواله حكومياً ومصرفياً إلى أن أيقظته الانتفاضة الشعبية على حقيقته المؤلمة. 

 

 

كل هذا التوجّه فاقمه كلام رئيس الحكومة حسّان دياب في شأن زيارة وزير خارجية فرنسا إلى لبنان، لجهة أنّها لم تحمل أي جديد، وأنّه لا يملك جميع المعلومات عن مسار الإصلاحات، وأن ربطه المساعدة بنجاح المفاوضات مع صندوق النقد هو دليل أنّ المجتمع الدولي لا يريد مساعدة لبنان. وقد أتى هذا الكلام ليؤكّد ما كان قد نقله المُنشد علي بركات عن الرئيس دياب تجاه السفيرة الأميركية، بالرغم من نفيه لذلك، ما يؤشّر إلى أنّ ما قاله ويقوله رئيس الحكومة تجاه المجتمع الدولي من انتقادات عدائية، ليس زلّة لسان، بل هو قناعة تسير بها السلطة، محكومة بخيار التوجّه شرقاً، وبعدم الرغبة في إزعاج أو زكزكة قوى الأمر الواقع، خوفاً على مواقع وامتيازات ومُحاصصات ووعود مستقبلية، حتّى ولو أدّى الامر الى سقوط هيكل الوطن فوق رؤوس الجميع.

 

إقرأ أيضا : الاصرار على إبقاء لبنان صندوق بريد سيزيد من معاناة اللبنانيين

 

 

قد يكون بعض اللبنانيين لم ينتبهوا بعد إلى الهاوية التي يذهب إليها لبنان، نتيجة هذه السياسات، وهي هاوية تُهدّد وجوده وهويته، ولا بدّ لهؤلاء أن يُدركوا الحقيقة قريباً، فينتفضوا على من صادر أدمغتهم وجعلهم أتباعاً، وإلا فسنذهب جميعاً إلى نهاية محتومة لن تُفرّق بين لبناني وآخر.

 

ومن نصح رئيس الحكومة ليقول ما قاله عن وزير خارجية فرنسا وهل يعقل ان يتحدث رئيس حكومة بمثل ما تحدث به دياب وقوله ان زيارته لم تحمل جديداً وان لديه نقصاً في المعلومات. فعدا عن دور فرنسا التي وقفت الى جانب لبنان في محنته يحتسب لها انها الدولة الوحيدة التي طرقت ابواب الحكومة واجتمعت الى رئيسها لتمنحه شرعية في وقت يصد الآخرون الابواب في وجهه. ما قاله دياب يفصح عن خلل في التعاطي الديبلوماسي الذي يحتاج الى دراية لانك حين تتحدث فأنت تتحدث باسم دولة. ولنفترض انه لا يعلم فهذا يعني ان الخلل سببه حكومة إما أنجزت وعجزت عن التسويق لإنجازها او هي لم تنجز من الاساس وتدّعي الإنجاز وهذا هو المرجح. 
ويعتقد كثيرون أن حسان دياب تحول إلى عبء ثقيل ليس فقط على لبنان، بل وعلى القوى السياسية الداعمة له، والتي من الواضح أنها تبحث عن مخارج لهذه المعضلة.

 

 

 وأقر رئيس التيار الوطني الحر وحليف حزب الله في وقت سابق بأن هناك مشكلة، والبديل نظرياً عن حكومة دياب هي حكومة أخصائيين أخرى مدعومة من الجميع أو من أفرقاء، وكذلك حكومة تكنو-سياسية مدعومة من الجميع أو من أفرقاء، وإلا حكومة وحدة وطنية.


تحذيرات دولية كثيرة من موجة جوع تهدد اللبنانيين، عتمة وغلاء ووباء، غارات وهمية على علو منخفض فوق الأراضي اللبنانية، تهديدات إسرائيلية بإعادة لبنان الى العصر الحجري ، مشاريع قوانين تمر في لجان الكونغرس لخفض المساعدات للجيش اللبناني.والحكومة العتيدة تتخبط في مستنقع فشلها، وفي سياق التحذيرات، تتوالى التوقعات السوداوية لما ستحمله المرحلة المقبلة إلى لبنان في ظل تقاعس الحكومة عن لعب دور إنقاذي فاعل ينتشل اللبنانيين من عنق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية الخانقة، والجديد في هذا الإطار تحذير صارخ صدر بالأمس عن منظمةحماية الاطفال الدولية نبهت فيه الى أنّ أكثر من نصف مليون طفل في لبنان أصبحوا مهددين بالجوع، وأوردت في تقريرها أنّ نحو مليون نسمة في منطقة بيروت لا يملكون المال الكافي لتأمين الطعام، من بينهم 564 ألف طفل لا يملك أهاليهم المال الكافي لشراء احتياجاتهم الرئيسية. وحثّت المنظمة الحكومة اللبنانية على الإسراع في وضع آليات لتأمين الحاجات الأساسية للفئات الأكثر ضعفاً في البلد على وقع تأكيدات مرعبة لمدير المنظمة بالوكالة في بيروت جاد صقر قال فيها سنبدأ بمشاهدة أطفال يموتون جوعاً قبل حلول نهاية العام الحالي.

 

 

كان يُفترض بالحكومة العتيدة أن تُخصّص اجتماعها الأخير لبحث ما جرى ويجري على الحدود الجنوبية، فتستمع الى تقارير الأجهزة الأمنية وتوصياتها، وربّما تستدعي حزب الله وممثّليه للإدلاء بما لديهم، لكنّها لم تفعل ذلك،وفي هذا السياق كان واضحاً المنحى التصاعدي في خطاب الحريري تجاه حزب الله، وعلى الرغم من صدور بيان ضعيف للحزب بنفي علاقته بما حصل وجّه الحريري كلامه مباشرة إلى حزب الله، معتبراً أنه يلعب باستقرار البلد. 

 

 

ختاما وخلاصة ما الت اليه الزيارة والاتصالات، هو  ان لا مساعدات مالية، رغم محاولات احياء  الاتصالات بين لبنان والعديد من دول الخليج  العربي  وقد ذهب البعض الى القولان الامور لن تستقيم باستمرار الرئيسين  ميشال عون وحسان دياب فالى اين ومتى وكيف؟ وأمام حالتَي الفساد السياسي والمالي هاتين لا توجد جهة خارجية واحدة مستعدة لمساعدة من ألحق بنفسه أضراراً لا يزال مصرّاً عليها.