لذا تبقى مواقف الرعيان دون سلطة ما دامت الرعية تتحرك وفق مشيئة عصا السلطة وهذا ما كرّس في لبنان مواقع متقدمة لكنها فاقدة لمنطق القوّة الأمر الذي يكشف عن سيطرة السياسي على كل مفصل أساسي مهما بلغ من الشأن والمرجعية .
 

ما قاله بطرك لبنان لا يضع اللبنانيين على الحياد بالقدر الذي يجعل الحياد تهمة في ظل رعية الراعي الغير حيادية والتي تنتشر في توجهات سياسية متصلة بحروب المنطقة وهي متعلقة بلعبة المحاور التي تزداد حماسة كلما ضغط الأميركيون أكثر على المتمحورين في كلا الإتجاهين لإضعاف الجميع وجعلهم يتوسلون الوسيلة الأميركية للنجاة من بأس الفأس المسلط على رقاب الجميع .

 

 

من الطبيعي أن يكون للبطرك الراعي الموقف لا السياسي فقط بل السيادي أيضاً طالما أن هناك استقلال تام عن الوظيفة الرسمية وعن المسؤولية من قبل رعاة الوطن وهذا ما يشير الى ضرورة التعاطي مع الأزمات التي تعصف بلبنان من قبل الجميع وبالضرورة التي تفرض تعاوناً ومن مواقع مختلفة لسد الحاجة المطلوبة لدرء الأخطار والمصائب القائمة وتلك القادمة أيضاً بفعل عوامل متعددة ومن بينها علاقة لبنان غير الحيادية مع أزمات و حروب المنطقة .

 

 

لكن هناك فرق بين إمكانية القول وإمكانية الفعل وهذا ما يضع الجميع داخل دائرة الإستهلاك السياسي طالما أنهم لا يملكون النفوذ المؤثر والفاعل لجعل أقوالهم على مستوى قريب من الأفعال الآيلة الى التنفيذ وإلا تتحوّل كل المواقف المتواضعة الى جمعية دعوة للإحسان السياسي وهذا ما يُنهك الأدوار المعترضة و يجعل منها مجرد إيقاع لصالح طبل السلطة .

 

إقرأ أيضا : كورونا ودولار وحرب

 

 

تماماً كما هو حال اللبنانيين اذ تلعب المعارضة أكثر الأدوار خدمة للسلطة وهذا ما يبرز بإستمرار من قبل المعارضة الى ولدت ميتة اذ جاءت حركة جماعة 14آذار تلبية رخيصة لحاجة السلطة وهذا ما أذهب ريحها وجعلها عاجزة عن متابعة تجربتها السياسية بحيث أنّها التجربة الوحيدة التي استطاعت أن تتكوّن وأن تنتهي بلحظة واحدة نتيجة طيش طائش .

 

 

في العودة الى سيادة البطرك تبدو رعيته الصغرى ومن ثمّ الكُبرى في هوى آخر إذ جرفها سيل السياسة العرم وباتت أسيرة أحزاب تأخذ بيدها الى أيّ أتون دون أن يكون لها أو أن  يترك لها خياراً من خيارات أخرى بل إن الرعية نفسها سواء في حدود الطائفة أو المذهب أو في حدود الوطن و "المواطنية " على وعي تام بخياراتها المهددة لزوال النعمة في لبنان وهي تلبي عصبيتها المتصلة بمصالحها المباشرة و تنزع لها و تدافع عنها مهما كانت النتائج .

 

 

لذا تبقى مواقف الرعيان دون سلطة ما دامت الرعية تتحرك وفق مشيئة عصا السلطة وهذا ما كرّس في لبنان مواقع متقدمة لكنها فاقدة لمنطق القوّة الأمر الذي يكشف عن سيطرة السياسي على كل مفصل أساسي مهما بلغ من الشأن والمرجعية .