كتبت عزّة الحاج حسن في صحيفة "المدن" الإلكترونية تقريراً تحت عنوان: " إعادة هيكلة المصارف... كيف وما مصير الودائع؟"، جاء فيه:
 
"دقت ساعة الصفر في القطاع المصرفي، وحان وقت "إعادة هيكلته"، ما يعني أن الباب فُتح على كافة الإحتمالات: اندماج أو استحواز، على تصفية، على تعيين مدراء جدد، أو حتى على إعلان إفلاس.


لقد أعلن مصرف لبنان اليوم الخميس 16 تموز 2020، عن إنشائه "لجنة إعادة هيكلة المصارف"، بهدف دراسة واقتراح التعديلات الضرورية على الضوابط الاحترازية لعمل المصارف، وإعادة هيكلتها، ودراسة أدائها المالي واقتراح الخطوات اللازمة للحفاظ على سلامة القطاع المصرفي.
15 مليار دولار "ضائعة": القصة بدأت عام 2002.. اليكم التفاصيل الكاملة
هل تتحول الأسهم إلى ودائع؟
 
 
كافة السيناريوهات محتملة وودائع الناس باتت رهن مصير المصارف من جهة، وقدرة مصرف لبنان على حمايتها من جهة أخرى. وليس للمصارف في إعادة الهيكلة خارطة واحدة، بل أن كل مصرف يشكل حالة منفصلة، تدرس وتحدد ما إذا كان أمامها من مخارج تخفف من الخسائر، أم أن اطلاق رصاصة الرحمة عليها يشكل آخر العلاجات.

ما هي إعادة الهيكلة

 
 تتجه لجنة اعادة هيكلة المصارف ومن ورائها مصرف لبنان، إلى درس حالة كل مصرف على حدة وتحديد حجم أمواله الخاصة ومدى قدرته على الاستمرار، وذلك من خلال لجنة مشتركة بين مصرف لبنان ولجنة الرقابة والدائرة القانونية ودائرة الامتثال، على أن تُحال الملفات إلى المجلس المركزي للبت في ما إذا كان من ضرورة لإحالتها إلى الهيئة المصرفية العليا، وبالتالي إلى دمجها أو تصفيتها أو تعيين مدير مؤقت لها.

 
 
وهذا يُعد خطوة ضرورية في تحديد الاتجاهات اللازمة للأزمة المصرفية وفق حديث الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود إلى "المدن". فإعادة الهيكلة غير ممكنة إذا لم تحدد قدرة كل مصرف وحجم إصابته من الأزمة كلياً أو جزئياً. من هنا يجب الدخول بحيثية كل مصرف على حدة، ومن المتوقع الذهاب من الماكرو إلى الميكرو، فالبلد يحتاج إلى نظام مصرفي جديد.

في حالة التصفية الذاتية للمصرف يضع مصرف لبنان يده على الموجودات ويسدد المطلوبات لحماية الودائع ويستعين بمؤسسة ضمان الودائع التي هي الضمانة الأولى للودائع. لكن هذه الحالة مشروطة بأن تكون الموجودات أكثر من المطلوبات، وإلا فعلى أعضاء مجلس إدارة المصرف تغطية الفارق من أموالهم الخاصة.

 
 
وفي حالة الدمج فعادة ما تلجأ البنوك إلى عمليات الدمج في حالات تضمن فيها تدخل مصرف لبنان وتقديم تسهيلات لتغطية الخسارة، أي أن يلجأ البنك الدامج إلى شراء البنك المدموج مع تعويض مصرف لبنان له لما يمكن أن يقع من خسائر إضافة إلى تسهيلات وقروض للحفاظ على أموال المودعين.

 
 
أما في حال تعيين مدير مؤقت للمصرف، فذلك يرتبط بتسلم المدير المؤقت مهام استطلاع الخيارات المتاحة أمام المصرف بحسب وضعه، فإما الدمج أو التصفية أو حتى الإفلاس. وفي حال كان الحل بإعلان الإفلاس يصبح من الحتمي أن يخسر المودع أمواله كليا.

مصير الودائع

 
 
 تقنياً، سواء كان الخيار تصفية المصرف أو دمجه أو تعيين مدير مؤقت له، ففي جميع الحالات لا قانون يحمي المودع بحسب حرفية القانون سوى من خلال معدل ضمان الوديعة في مؤسسة ضمان الودائع المحددة بـ75 مليون ليرة فقط. لكن لطالما كان المودعون محيّدون عن تحمل الخسائر الناجمة عن عمليات الدمج والاستحواذ بقرار من مصرف لبنان وبتغطية مالية منه.

 
 
مصرف لبنان، وعلى مدى 25 عاماً وفق حمود، لم يلجأ يوماً إلى خيار إعلان إفلاس مصرف ولم يكن يلجأ سوى إلى خيارت التصفية أو الدمج، وإذ يستبعد حمّود اللجوء الى إعلان افلاس أي مصرف، يوضح أنه بموجب القانون وبحسب وضع المصارف الحالي من الطبيعي أن يخسر المودع أمواله في حال استدعى الأمر إعلان افلاس مصارف، لكن مصرف لبنان كان دائما حامياً للمودعين من دون سند قانوني. فكان يدفع كلفتها في حال التصفية الذاتية أو الدمج. أما القانون فلا يحمي المودع، مرجّحاً اللجوء الى الخيارات الثلاثة المطروحة (تصفية أو دمج أو تعيين مدير مؤقت) والبحث في آليات تنسجم مع القوانين ولا تنعكس مزيداً من الضرر على سمعة المصارف.

 
 
ومع استبعاد اللجوء إلى خيار الإفلاس، لا بد من طرح تساؤل عن مدى قدرة مصرف لبنان على تحمّل المزيد من الخسائر لحماية أموال المودعين والمصارف على حد سواء؟

من هنا يجب استحداث نموذج مصرفي جديد يُلزم المصارف بتجنيب مصرف لبنان الأعباء، "فالمصرف الذاهب إلى الدمج، فليدمج على كلفته. ومن ذاهب الى التصفية فليُصفي على كلفته. ومن ذاهب الى الإفلاس فليفلس على كلفته، من دون تحميل مصرف لبنان المزيد من الخسائر، يقول حمّود، وعلى الحكومة تحديد الحد الأدنى لرساميل المصارف وتحديد مهل زمنية، ومن لا يمكنه الالتزام فليذهب إلى التصفية أو الدمج.

 
 
وكان المركزي طلب من المصارف زيادة رساميلها 20 في المئة قبل شهر أيلول 2020 وهو إجراء حتمي على المصارف الإلتزام به، على أن يستند إليه مصرف لبنان لدراسة ملفات المصارف واتخاذ القرارات المصيرية بشأنها.

 
 
أما في ما خص المدة الزمنية التي تستغرقها اللجنة للبت في مصير المصارف، فربما تكون أشهر أو سنوات، علماً أن لجنة الرقابة على المصارف تمتلك كافة أرقام المصارف. ولكن إعلان بدء عملية إعادة الهيكلة أدخلت الملف في جدل طويل لا أحد يعرف نهايته.