بدأت مسألة المفاوضات مع صندوق النقد تتحوّل فضيحة إضافية تُضاف الى لائحة الفضائح التي تشوّه سمعة البلد، وتُنفّر المجتمع الدولي منه. وتتمثل الفضيحة الجديدة بالشلل الذي يصيب التفاوض مع الصندوق، والمراوحة حول نقطة واحدة: توحيد ارقام الخسائر وتوزيعها على الدولة والقطاعات. وحول هذه النقطة لا تزال الامور جامدة، وكأنّ الحكومة لم تعقد 17 اجتماعاً حتى الآن مع المفاوضين في الصندوق.
 
هذا الكلام ليس من باب التحليل، بل يؤكده مسؤول سابق في صندوق النقد، يعرف خفايا المفاوضات التي تجري بين الدول والصندوق.


وكشف هذا المسؤول لـ"الجمهورية" انه "لو توحّدت السلطات، من مجلس نواب وجمعية المصارف ومصرف لبنان، حول الارقام الواردة في خطة الحكومة لكان لبنان قد توصّل منذ فترة الى برنامج إنقاذ مع صندوق النقد الدولي "لأنّ المفاوضات لا تحتاج الى تلك الفترة الطويلة ولم يكن يجب ان تبقى قائمة لغاية اليوم".

 

ونصح الحكومة اللبنانية بنقل الكرة من ملعب الخلافات اللبنانية الداخلية حول الارقام والخسائر، ورَميها في ملعب صندوق النقد الدولي الذي يملك كافة الارقام وكافة التقديرات، عبر الطلب من الصندوق اقتراح البرنامج الذي يعتبره مناسباً وشاملاً لكل القطاعات، على أن تكون الحكومة مستعدّة لدعمه.

 

وفي السياق ذاته، قالت مصادر مطلعة على اجواء صندوق النقد الدولي لـ"الجمهورية" انّ موضوع الارقام مهم جداً، والأهم هو ان تأتي الارقام منطقية وموضوعية لا تكبر حجم الخسائر ولا تقللها، وهذا ما يطلبه الصندوق.

 

وعكست المصادر انتقاداً من الصندوق لأداء السلطة اللبنانية، وخشية من ان يكون الاستغراق في الارقام والخلاف حولها، فيه نوع من القنابل الدخانية للتغطية على المشكلة الحقيقية التي هي عدم إجراء الاصلاحات، التي تؤخر الاتفاق مع صندوق النقد حول برنامج لمساعدة لبنان، ويجب ان تعلم الحكومة اللبنانية أن لا مجال لدفع أيّ قرش من الصندوق طالما انّ الاصلاحات المطلوبة لم تنفذ.