اشار رئيس ​الحكومة​ الاسبق ​فؤاد السنيورة​ الى اننا زرنا ​بكركي​ تقديراً منا للموقف الوطني الذي عبّر عنه غبطة البطريرك ​مار بشارة بطرس الراعي​ بكونه يطالب أن يُفَكَّ الاحتجاز عن الشرعية ال​لبنان​ية وعن لبنان. وهو يؤكد على العيش المشترك اللبناني الإسلامي- المسيحي، وعلى ​السلم الأهلي​، ويشدّد على تثبيت استقلال لبنان وسيادته ووحدته وتطبيق القرارات الدولية، وعلى تحييد لبنان عن سياسات المحاور والصراعات الإقليمية والدولية. وهو بالتالي يؤكد على القيم التي قام عليها لبنان، ولاسيما قيم الانفتاح والحرية والديمقراطية. ولفت الى أنّ هذا الامر يحظى بتأييد كبير من قطاعات واسعة في لبنان، وهو الموقف الذي عبّرنا لغبطته عن تأييدنا له. ولقد سلّمناه نسخة عن رسالة كنا قد أرسلناها إلى قداسة ​البابا​، نعبر فيها أيضا عن تقديرنا لكل جهد يمكن ان يبذله الكرسي البابوي من اجل نصرة لبنان ودعم حريته واستقلاله وتمكينه من أجل استعادة وجهه الحضاري الذي يصار الى تشويهه في هذه المرحلة.


ولفت السنيورة في حديث صحفي، الى ان الأوضاع العامة في لبنان تعاني من تخبّط وخروج واضح عن السيطرة قبل الارتطام الكبير الذي أصبح وشيكاً- وياللأسف- وهذا ما نراه يحدث أمامنا، ولاسيما في هذه المرحلة من المفاوضات المتعثّرة مع ​صندوق النقد الدولي​. ولكن قبل ان اتحدث عن هذا الامر دعني أقول لك ان الذي نشاهده في لبنان اليوم من انهيار اقتصادي ومالي ونقدي ومعيشي، ليس هو نتيجة عمل هذه الحكومة. ولكن هذا لا يعني أن ننسى ان هذه الحكومة هي التي قد أصبحت مسؤولة، حسب ​الدستور​، عن إيجاد المعالجات الصحيحة للوضع الكارثي الذي أصبح عليه لبنان. وبالتالي، فإنّ واجبها هو العمل بجدِّ من أجل اجتراح الحلول التي يمكن أن تنقذ لبنان.

واوضح بأنه منذ عقدين، كان ومازال هناك استعصاء وسلوكيات مارستها حكومات ومجالس نيابية وأحزاب سياسية وطائفية ومذهبية وميليشاوية في لبنان. لقد تمثَّلَ هذا الاستعصاء بالتمنّع عن القيام بالإصلاحات التي يحتاجها لبنان من اجل تصويب مسيرته وتصحيح أوضاعه المالية والاقتصادية، ولا سيما في ظل هذه الظروف المتعاظمة القسوة على لبنان. ولقد حصل ذلك على الأخص خلال العقد الماضي وبالتحديد خلال السنوات الأربعة الماضية وبعد انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية. وفي موضوع الاستعصاء على الإصلاح، فلقد كنت أحضّ عليه دائماً مكرراً القول وفي كل مناسبة وزارية وحكومية ونيابية، أنّ الإصلاح امر تقوم به الأمم عندما تكون قادرة عليه وليس عندما تريد ان تقوم به وقد أصبحت مجبرة عليه. عندها تصبح كلفة الإصلاح عالية جداً وأيضاً شديدة الأوجاع. وهو الوضع الذي وياللأسف قد أصبحنا عليه الآن في لبنان.

واشار السنيورة الى انه خلال الأشهر التسعة الماضية، ومنذ ان استقال رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، فقد سادت حالة من الارتباك والتخبط، وعدم التبصر، وقلّة المبادرة، وعدم توفر الروح القيادية لدى المسؤولين. وبدلاً من أن تبادر الحكومة و​رئيس الجمهورية​ إلى المسارعة والعمل لإجراء المعالجات واجتراح الحلول، كان هناك الإنكار والتلكؤ والاستعصاء وعدم المبالاة وعدم الاكتراث. وأقول لك هنا، أنّ رئيس الجمهورية أضاع الخمسين يوماً الأولى، بعد ​استقالة​ الرئيس سعد الحريري في إجراء استشارات من اجل التأليف قبل التكليف، وهذا أمر مخالف للدستور. ثم أمضى الرئيس المكلف ​حسان دياب​ خمسين يوماً أخرى قبل ان يؤلف الحكومة. ذلك في الوقت الذي كان لبنان فيه بأمس الحاجة الى القيام باعتماد المعالجات والحلول السريعة اللازمة لوقف الانهيار.

واعتبر بأن المؤسف أنه، وبعد ذلك، وحتى الآن ما زال هناك الاستعصاء عن القيام بالإصلاحات، لا بل وأكثر من ذلك، في عدم اتفاق الإدارات الحكومية بين بعضها بعضاً على الأرقام النهائية للخسائر المتراكمة، وهذه فضيحة كبرى بحد ذاتها. إذ أنه من واجب الحكومة ورئيسها أن يتوليا العمل على تحديد المنطلقات والمقاربات الواجب اعتمادها في إعداد الخطة الإنقاذية مع الاستعداد والالتزام بتبنيها، وذلك بما يشتمل على تحديد حجم وأسباب الخسائر التي نجمت. ومن ثم في تحديد كيفية التواصل مع صندوق النقد الدولي ومن أجل مفاوضة الدائنين لتحديد خطة العمل الواجب اعتمادها بعد ذلك. وذلك قبل اتخاذ القرار بالتوقف عن دفع السندات المستحقة على ​الخزينة اللبنانية​ بالعملات الأجنبية.