على وقع الانهيار الاقتصادي الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث، تشهد البلاد موجة جديدة من السرقات تطال الحليب والحفاضات واحتياجات يومية ارتفع سعرها بشكل جنوني.
 
 
ورصد تقرير لوكالة "فرانس برس" هذه الموجة من الجرائم التي تؤكدها احصائيات قوى الأمن الداخلي، وتشير إلى ارتفاع معدل الجرائم بشكل عام، خصوصاً القتل والسرقة في العام 2020 مقارنة مع السنوات الماضية.
 
سرقة واعتذار
 
ويشير مصدر أمني للوكالة إلى "نوع جديد من عمليات السلب يستهدف حليب الأطفال والطعام والأدوية"، كاشفاً عن أنّ "أكثر من ضحية كشفوا في إفاداتهم عن اعتذار المشتبه فيهم منهم أثناء سرقتهم".
 
وأحصت قوى الأمن ارتفاع معدل السرقات الموصوفة بواسطة الكسر والخلع لمنازل ومحالّ وصيدليات، إذ بلغت 863 عملية، (معدل وسطي 173 شهرياً) مقابل 650 العام الماضي بأكمله.
 
ولم توفر تداعيات الانهيار أي طبقة اجتماعية، خصوصاً مع خسارة الليرة أكثر من ثمانين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ما تسبب بتآكل القدرة الشرائية للمواطنين.
 
وانطلاقاً من كون لبنان بلداً يعتمد على الاستيراد إلى حد كبير، بالدولار، فقد ارتفعت أسعار السلع بشكل جنوني خصوصاً الحليب وحفاضات الأطفال. وبات كثر عاجزين عن ملء براداتهم.
 
"سرقني وبكى"
 
ويروي "زكريا" حادثة تعرضه للسرقة أثناء تجوله في شارع مظلم ليلة الخامس من يوليو، حيث اعترضه سائق دراجة نارية وشهر سكيناً في وجهه طالباً منه المال أو مرافقته لشراء طعام لأطفاله.
 
ويوضح زكريا أن الشارع كان خالياً إلا من بضعة سيارات، حين توقفت دراجة نارية إلى جانبه قبل أن يقترب منه شخص من الخلف موجهاً السكين نحوه، مردداً: "لا تقل أي كلمة، لست هنا لأؤذيك، أريد منك أن تعطيني النقود أو أن تأتي معي إلى أي محل لتشتري لي بعض الأغراض، تركت أولادي في المنزل يبكون من دون طعام".
 
بتوتر شديد، أخرج زكريا نقوداً من محفظته وأعطاها للرجل الأربعيني الذي ركض باتجاه دراجته، قبل أن يتوقف ويعود باتجاه زكريا الذي تسمّر في مكانه خوفاً.
 
ويقول زكريا: "خفت كثيراً حين رأيته يعود نحوي، لكنه بدأ بالبكاء والاعتذار مني، وأراد أن يعيد لي النقود. قال لي أنا لست بسارق، لكنني جائع وأولادي أيضاً جياع".
 
نوعية الجرائم وطبيعتها
 
خلال الأشهر الماضية التي شهدت شحاً في السيولة، ونتيجة تشديد المصارف القيود على العمليات النقدية وسحب الأموال خصوصاً بالدولار، بات كثر يعمدون إلى وضع نقودهم في منازلهم. وفضل البعض أن يشتري بها عقارات أو سيارات بدلاً من تركها في المنازل عرضة للسرقة.
 
وارتفعت كذلك سرقة السيارات، إذا سُرقت 303 سيارة العام الحالي مقارنة مع 273 سيارة خلال النصف الثاني من العام 2019 وفق احصاءات قوى الأمن الداخلي.
 
ويوضح المصدر الأمني "لا يمكن فصل نوعية الجرائم وطبيعتها عن تردّي الوضع الاقتصادي وارتفاع معدّلات البطالة بشكل كبير بين الشباب".