كتب مير الربيع في "المدن": في استعادتها ذكرى عملية تفجير "حزب الله" مقر المارينز في بيروت العام 1983، دفعت الولايات المتحدة الأميركية إسرائيل إلى إلقاء الضوء الكاشف على صواريخ حزب الله.

 

أفعال تقابلها زمجرات

ليست هذه المرّة الأولى التي يتحدث فيها الإسرائيليون عن مخازن صواريخ حزب الله أو منصات إطلاقها. وذلك يعني أن التصعيد مستمر، ويترافق مع استمرار الضربات الإسرائيلية أو الأميركية لمواقع ومصانع إيرانية. فالغارات التي كانت تشنّها الطائرات الإسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا انتقلت إلى الأجواء والأراضي الإيرانية. وهذا في ذاته يمثل تطوراً في أفق الصراع.

 

من الثابت أن الولايات المتحدة الأميركية تستحضر أي ملف تصعيدي غب الطلب السياسي. والاستعادات الأميركية – الإسرائيلية هذه تندرج في سياق تحضير المشهد لمزيد من الضغوط على إيران وأتباعها. لا معطيات مؤكدة تفيد بأن تطور هذا التصعيد قد يتحول إلى حرب واسعة. فإيران التي تعرضت إلى ضربات قاسية ونوعية، لم تبد عن أي مؤشر للرد، على الرغم من تهديداتها المزمجرة. ولو أرادت الرد الفعلي لفعلت. والرد كان من شأنه أن يشعل الجبهات، ويعيد كلام أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله إلى الواجهة، عندما أكد أن أي ضربة تتعرض لها إيران ستشتعل الجبهات وسينخرط كل حلفاء طهران في هذه المواجهة.

 

احتمالات رد طهران

هذا لا يعني أن إيران قادرة على تحمّل هذه الضربات بلا رد فعل. فالسكوت يحوّلها إلى ما يشبه الاتحاد السوفييتي المترهل في أيامه الأخيرة، وينعكس ترهلاً كبيراً داخل إيران وفي بنية نظامها. وهذا في حال عدم تمكنها من اجتراح فعل ما يعيد توازنها ورفع معنويات أركان نظامها وشعبه.

 

حاولت طهران الردّ على هذه الضربات بخطوة في سوريا، عبر الاتفاق الذي عقدته مع نظام الرئيس بشار الأسد، والذي يؤكد استمرار وجودها العسكري على الأراضي السورية. لكن هذا لا يغير من الأمور شيئاً فعلياً.


 
 

لا بد لإيران أن تحضّر ردّاً عسكرياً على ما تتعرض له من ضغوط وضربات. وعليها اختيار الساحة التي يمكنها أن تنفذ فيها العملية: سوريا أم لبنان أم غزة أم العراق؟

 

الجواب لم يتحدد بعد. لكن الساحة المفتوحة للصراع هي سوريا، التي قد تعمل إيران على توجيه ضربة منها متعددة الأبعاد: أولها، رسالة اعتراضية على الأداء الروسي وتماهيه مع الموقف الإسرائيلي. وثانياً تأكيد مدى قدرتها وفاعليتها على الساحة السورية، في توجيه ضربات قد تطال إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.

 

هنا لا بد من العودة إلى تفكير سابق لدى إيران وحزب الله: تشكيل خلايا ومجموعات لا يتبنيانها رسمياً، تعمل على تنفيذ عمليات عسكرية ضد أهداف أميركية أو إسرائيلية، على طريقة عملها السابقة في العراق إبان الاجتياح الأميركي.

 

رد إسرائيلي استباقي؟

أي احتمال قد تلجأ إليه إيران، يقابله استباق أميركي - إسرائيلي. وفي هذا السياق الاستباقي نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" تقريراً يتحدث عن مواقع تخزين حزب الله صواريخه ومنصات إطلاقها، مع إشارة إلى أن هذه الصواريخ موجودة في مناطق سكنية مأهولة، سواء في ضاحية بيروت الجنوبية وقرب من السفارة الإيرانية، أو في الجنوب والبقاع. وكأن إسرائيل تستبق حصول أي تطور لتبرير أي ضربة قد توجهها مستقبلاً.

 

وتتزاحم المؤشرات السلبية في الأجواء اللبنانية. هناك من يعتبر أن تأجيل إسرائيل ضم الضفة الغربية سينجم عنه تصعيد في الإقليم. تصعيد يترافق مع الضغوط الأميركية على لبنان. وأي تصعيد إسرائيلي ضد إيران وحزب الله هناك دول وجهات خارجية إلى جانبه، طالما أن اسرائيل أجّلت عملية الضم.


 
 

وتبدو إسرائيل في حال استحضار مبررات أي عدوان جديد قد تشنّه على لبنان: من إثارتها ملف الصواريخ، إلى ملف الحدود الذي كان حاضراً في لقاءات الجنرال ماكينزي في بيروت، وصولاً إلى تحذير الجيش من مغبة مشاركته حزب الله في أي مشروع عسكري، في حال حصول تطورات دراماتيكية.