بعد الخلاف اللبناني – اللبناني على قيمة الخسائر الواردة في خطة التعافي الاقتصادية، حيث قدّمت الحكومة أرقامًا رفضتها لجنة تقصي الحقائق النيابية تمامًا كما المصرف المركزي وجمعية المصارف، ها هو خلاف جديد لا يقل حجما وخطورة يطفو على سطح "مياه" المفاوضات اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، ليزيدها تعكيرا و"تلوّثا"!
 
 
الكباش الجديد اسمه "الكابيتال كونترول"، فتشريع الاخير - وهو مطلبٌ مزمن يشدد عليه منذ مدة صندوق النقد خلال مفاوضاته- ليس محلّ توافق داخلي حتى الساعة، بل على العكس. أهل الفريق الحاكم الواحد، منقسمون على ذاتهم في مقاربته ويتقاذفون كرته. الحكومة - بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية"- لا تبدو متحمّسة لطرحه، بدليل استبعاده عن طاولتها منذ اسابيع، بعد ان طلب رئيس مجلس النواب نبيه بري من وزير المال غازي وزني ذلك، ربما لانه في رأيها (أي الحكومة) سيُبعد عن المصارف سيفَ الشكاوى والدعاوى التي تُرفع ضدها اليوم من قبل مواطنين غير قادرين على سحب اموالهم، اذ ان القانون سيشرّع وينظّم عملية الكابيتال كونترول الحاصلة الآن "عشوائيا"... في المقابل، تنتظر لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان وصول مشروع القانون هذا، من السلطة التنفيذية الى السلطة التشريعية لتناقشه وتدرسه.
 
وبعد ان تأخّر مجلس الوزراء في فتح اوراق القانون المذكور على طاولته من جديد- وهو تأخّر مقصود على الارجح- ارتأت لجنة المال تقديم اقتراحات في شأنه امس. وبعد اجتماعها في البرلمان، اوضح كنعان أن الاقتراحات خضعت للنقاش ضمن اطار الخطة المتكاملة لأن من دونها لا يفيد. وقال "لسنا على استعداد لزيادة القيود على المودعين من دون خطوات واضحة من المصارف والدولة لاعطاء المودع حقوقه". وشدد على أن "مقاربتنا للكابيتال كونترول تنطلق من الحفاظ على حقوق المودعين" معتبرا ان المطلوب من المصارف ومصرف لبنان  وضع الحلول الممكنة على الطاولة "فمن غير المقبول استخدام الودائع من قبلهم بشكل عرّضها للخطر"... لكن رغم موقفه هذا، شنّ بعضُ الحكومة، عبر آلته الاعلامية اليوم، حملة شعواء ضد اللجنة معتبرا انها تعمل مجددا لمصلحة المصارف. وقد عكست الحملة هذه، ممانعةُ لا تزال قائمة لدى عرّابي الحكومة، وعلى رأسهم حركة أمل والتيارالوطني الحر وحزب الله، لإقرار القانون العتيد.
 
الشرخ اذا تكرّس بين مجلس النواب ومجلس الوزراء، حتى انه وصل الى داخل صفّ الفريق السياسي الواحد، تتابع المصادر. وفي وقت تُتّهم لجنة تقصي الحقائق و"المصارف" بمحاولة إحباط المفاوضات مع الصندوق باصرارها على ارقامها للخسائر، في حين يتبنى الاخير ارقام الحكومة، اليس منطقيا اليوم توجيه هذه التهمة الى الحكومة ايضا بعد رفضها مناقشة قانون الكابيتال كونترول المطلوب "دوليا"، واحالته الى مجلس النواب، خاصة وان المشروع يجب ان يحال من ملعبها الى الملعب النيابي؟
 
وسط هذا الاجواء غير المشجعة، تقول المصادر ان المفاوضات مع الصندوق تبدو في خطر شديد. فحكومة اللون الواحد، التي لم تقدِم على اي "اصلاح" حتى الساعة، غير متفقة على شيء، لا من حيث ارقامها ولا من حيث مقاربتها لكيفية الخروج من المأزق، في حين لا تنفّذ نصائح الصندوق أو متطلباته وعلى رأسها الكابيتال كونترول... فالى متى يمكن ان ينتظرها الصندوق ويصبر عليها؟