تتجه الحكومة نحو بناء شبكة أمان اجتماعي تسحب من خلالها دعم المحروقات والخبز عن كل شرائح المجتمع وتحصرها باللبنانيين وذوي الدخل المحدود والصناعيين والمزارعين. لكن، ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والمالية بات أكثر من نصف الشعب اللبناني من ذوي الدخل المحدود، فهل يمكن لهذه الآلية ان تلحظ غالبية اللبنانيين؟
تدابير جديدة وأسعار جديدة سيبدأ المواطن اللبناني الاعتياد عليها اعتباراً من 1 آب المقبل. فإذا كان قد انتقل من الطبقة المتوسطة الى الطبقة الفقيرة أو من الطبقة الفقيرة الى الأكثر فقراً فإنه سيتمكن من الاستفادة من آلية دعم تعدّها له وزارة الاقتصاد للاستفادة من أسعار مخفضة للمازوت والبنزين والخبز من خلال قسائم، أمّا الذين لا يزالون ميسورين وأوضاعهم المادية مرتاحة او من هم من غير اللبنانيين فسيكون عليهم ان يدفعوا ثمن المحروقات والخبز من دون دعم.

 

فقد قدّم وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة اقتراحاً الى كل من وزراء المالية والطاقة والصناعة والزراعة لتعديل آلية دعم مادتي البنزين والمازوت والخبز، واستبداله بقسائم توزّع على الذين يحتاجونها حقاً وذلك بهدف ترشيد الانفاق العام، كما سيتم نقل هذه المساعدة الى سائقي المواصلات العامة الفقراء ذوي الدخل والمزارعين والصناعيين. وتهدف هذه الآلية الى توفير دولارات مصرف لبنان واستعمالها لتوسيع مروحة الدعم على السلع الغذائية، على أن يبدأ تطبيقها اعتباراً من 1 آب المقبل.

 

في السياق، أوضح الوزير نعمة اننا لا نسعى الى رفع الدعم عن المحروقات والخبز إنما سيتم حصره باللبنانيين الذين هم في حاجة اليه. على سبيل المثال: سيبقى دعم مادة المازوت قائماً للمزارعين والصناعيين وللمواطنين ذوي الدخل المحدود الذين يحتاجونه خصوصاً لغرض التدفئة، لكننا بهذه الطريقة نستثني البعثات الأجنبية في لبنان من الدعم والميسورين وغير اللبنانيين. وقال: حتى لو دعمنا 100% من اللبنانيين، بهذه الطريقة يكون هناك على الأقل مليون ونصف المليون شخص خارج الدعم.

 

وعن الآلية التي ستعتمد، قال: هناك آليات عدة معتمدة في العالم، منها دعم على شكل قسائم، أو باستعمال البطاقات. لكن بما انّ إعدادها يتطلب وقتاً، فإنّ التوجّه هو نحو استعمال القسائم، كما انني منفتح على حلول أخرى قد يقترحها الوزراء المعنيون.

 

وأكد نعمه أنّ دولاً عدة نجحت في السير بآلية مماثلة حيث لا يطال الدعم كل شرائح المجتمع مثل الأردن، ولا شك انها ستساعدنا للتقليل من استخدام دولارات المركزي، وبالتالي يمكن لهذه الالية ان تنجح، لذا نطالب بالكَف عن التحريض عليها.

 

وعن انعكاسها على الأسعار، قال: عندما يبدأ العمل بهذه الآلية من المتوقع ان يرتفع سعر صفيحة المازوت الى 20 ألف ليرة ومعه سيتوقف التهريب.

 

وعمّا اذا كان رفع الدعم عن المازوت واستبداله بقسائم دعم أسهل من ضبط التهريب؟ قال: لا يمكننا محاربة التهريب خصوصاً انّ هناك مسافة 350 كلم على طول الحدود مع سوريا، ومراقبتها تتطلب نشر عديد الجيش على طول الحدود، وكنّا كلما أقفلنا معبراً غير شرعي ينبت غيره، خصوصاً انّ الحدود شمالاً هي عبارة عن سهل يمكن تجاوزه بسهولة.

 

ورداً على ما يتردد من انّ سعر صفيحة المحروقات سيصل الى 50 الف ليرة بعد رفع الدعم، يقول نعمه: لا خوف من ارتفاع أسعار المنتجات طالما انّ آلية الدعم تشمل المزارعين والصناعيين. وأكد انّ الدعم سيكون متاحاً أمام جميع اللبنانيين المُحتاجين حتى لو طاوَل 80 في المئة من الشعب اللبناني، إذ بهذه الطريقة نحقّق وفراً على الخزينة بنسبة 20% يُستعمل لدعم السلة الغذائية او لتوسيعها فتشمل أصنافاً أكثر، او ربما يستعمل الوفر لدعم الزراعة او الصناعة...

 

وعن قدرة الوزارة على مراقبة عمل هذه الآلية، يؤكد نعمه انّ لدى وزارة الاقتصاد القدرة على معرفة مالكي «النمرة الحمراء»، او من لديه سيارة أجرة، او إذا كان يملك «فاناً» او أوتوبيساً مسجلاً للنقل العام، كذلك يمكنها التعرّف الى المزارعين الذين لديهم صك ملكية او عقد إيجار... (هذه الطريقة معتمدة مع مزارعي القمح).

 

واكد نعمه انّ طريقة الدعم هذه ستتعرض للانتقاد حُكماً لكن حتى لو أخطأنا فيها أي دعمنا 80% من اللبنانيين وتبيّن انّ 30% منهم لا يحتاجون الى الدعم، فإننا سنصحّح الخطأ وفي الوقت نفسه نكون قد حقّقنا وفراً بما لا يقل عن 20%.

 

الآليات المقترحة

 

- تنصّ الآلية المقترحة لدعم مادة البنزين على الآتي: إيقاف الدعم، على أن تستند الاسعار في محطات الوقود الى سعر السوق بالدولار الأميركي كما يحدده البنك المركزي، على ان يتم في المقابل إعطاء قسائم شراء بالليرة اللبنانية لسائقي المواصلات العامة ولذوي الدخل المحدود.

يحدّد مبلغ القسيمة على اساس معيارين: الفرق بين السعر المدعوم وسعر السوق، ونوع المركبة المسجلة ولاحقاً على أساس عدد الكيلومترات المقطوعة بفضل جهاز GPS مُثبت على السيارة.

 

- أمّا آلية الدعم المقترحة لمادة المازوت فتنصّ على وقف الدعم على ان تكون الأسعار في محطات الوقود على أساس سعر السوق بالدولار الأميركي كما يحدده البنك المركزي. تُعطى قسائم شراء بالليرة اللبنانية للمزارعين والصناعيين ولذوي الدخل المحدود. يحدّد مبلغ القسيمة على اساس معيارين هما: الفرق بين السعر المدعوم وسعر السوق، متوسّط الاستخدام التاريخي للصناعيين والفقراء، حجم الأرض للمزارعين المزروعة بالفعل مع التحقق من ذلك عبر صور الأقمار الصناعية.

 

- تنصّ آلية الدعم المقترحة للخبز على الآتي: إيقاف الدعم على أن تستند الأسعار في الافران الى سعر السوق بالدولار الأميركي كما يحدده البنك المركزي. إعطاء قسائم شراء بالليرة لذوي الدخل المحدود. يحدد مبلغ القسيمة على اساس معياري الفرق بين السعر المدعوم وسعر السوق، وعدد الأشخاص في كل أسرة. تستخدم القسائم حصراً لشراء ربطة الخبز الأبيض اللبناني.