الأمين هو من علماء الأصول في الدين الإسلامي( سُنّةً وشيعة) الذين يُعدّون على الأصابع في طول العالم الإسلامي وعرضه، ومع ذلك لا بدّ من التذكير بأنّ السياسة ما دخلت شيئاً إلاّ أفسدتهُ، ولعلّ أسرع من يمضي سريعاً في هذا الفساد، هم أهل المِلل والنِّحل وأهل الأهواء والبِدع.
 

إنّهُ لمن المُعيب والمُستنكر أن تُقدِم النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان، بالإدعاء على عالم الدين الإسلامي( الشيعي المذهب) السيد علي الأمين بتُهمٍ ترقى إلى مستوى "الجرائم"، وأخطرها وأفدحها تهمة الإجتماع مع مسؤولين إسرائيليّين في مملكة البحرين، وتأتي بعدها تهمة مهاجمة المقاومة الإسلامية وشهدائها، وأخيراً "جريمة" التحريض بين الطوائف و الأديان وبثّ الدسائس والفِتن، والمسّ بالقواعد الشرعية للمذهب الجعفري.

 

 

جاء ادّعاء القاضية عون ( المثيرة دائماً للجدل والإشتباهات) بناءً على الدعوى التي تقدم بها محامٍ "شيعي" بوكالته عن أربعة مواطنين( شيعة دائماً)، لم تتّضح حتى الآن صفتهم بالإدعاء، ومدى تضرّرهم من "ارتكابات" السيد الأمين لهذه "الجرائم" المُساقة ضدّه.

 


ولو بدأنا بأول هذه التُّهم: وهي كما قلنا أخطرها وأفدحها، وهي الإجتماع مع مسؤولين إسرائيليّين في مملكة البحرين، فهي واهية، ولعلّها أوهن من بيت العنكبوت، فضلاً عن أنّها باطلة ومُختلقة ووقحة، فقد سبق للسيد الأمين أن ردّها وسخّف من ابتدعها وأطلقها، وذلك في مؤتمرٍ صحافي عقدهُ في ١٨ كانون الأول عام ٢٠١٩، والتهمة هذه إنّما تقوم على صورةٍ التُقطت للمؤتمرين في مملكة البحرين حول حوار الحضارات والأديان، وضمّت لفيفاً من علماء الدين من مختلف الديانات السماوية التوحيدية الثلاث، ومُثقفين ورجال فكرٍ ورأي، وكان حاضراً في من حضر حاخامٌ يهودي، لم يطّلع أحدٌ حتى الآن على خلفياته الدينية والسياسية، وما إذا كان مُناصراً للصهيونية أو مُعادياً لها، والسيد الأمين قال بأنّه لم يطّلع على قائمة الأعضاء الحاضرين في المؤتمر، وليس على علمٍ بدياناتهم ومذاهبهم ومشاربهم( وهذا طبيعي كونه ليس من هيئة التّحضير للمؤتمر)، وهو لم يجتمع بالحاخام اليهودي، ولا يعلم عنه شيئاً، والجريمة المُساقة ضده هي أنّ صورةً تذكارية أو دعائية للمؤتمر جمعت الرجلين مع عددٍ كبيرٍ من المؤتمرين، واليوم، وفي ظلّ الأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية والمعيشية والحياتية التي تعانيها البلاد، وفي صميمها تتخبّط الثنائية الشيعية في مشاكلها ومآزقها وإخفاقاتها، ليطلع من بين صفوفها من يحاول النّيل من سُمعة علّامة كبير كالسّيد علي الأمين.

إقرأ أيضا :  الميثاقية السُّنّية مفقودة منذ تسمية دياب لرئاسة الحكومة

 

 

أمّا التهمة الثانية وهي مناهضة المقاومة الإسلامية وانتقادها ومعارضتها، فهذه تُهمة لا يتبرّأ منها السيد الأمين ولا يخجل من تبنّيها،  ويُشاركهُ في هذا عددٌ لا بأس به من المعارضين الشيعة لتيار المقاومة والممانعة في المنطقة( معارضة سياسية لا تآمراً ولا خيانةً ولا تجنّياً).

 

 


أمّا التهمة الأخيرة فهي الأغرب والأدهى من أخواتها، فهي تتّهم السيد الأمين بالمسّ بالمذهب الجعفري، والعمل على بثّ الدسائس والفتن، وفات أصحاب الإدعاء الباطل هذا( وهذا ليس بغريبٍ عن مدى غبائهم وجهلهم ) بأنّ السيد علي الأمين كان من أوائل الذين أوكل إليهم السيد الراحل محمد حسين فضل الله مهمة تدريس مادة أصول الفقه في حوزة المعهد الشرعي الإسلامي( وهي أعلى علوم الدين الإسلامي كعباً وشرَفاً)، وأنّ السيد علي الأمين هو من علماء الأصول في الدين الإسلامي( سُنّةً وشيعة) الذين يُعدّون على الأصابع في طول العالم الإسلامي وعرضه، ومع ذلك لا بدّ من التذكير بأنّ السياسة ما دخلت شيئاً إلاّ أفسدتهُ، ولعلّ أسرع من يمضي سريعاً في هذا الفساد، هم أهل المِلل والنِّحل وأهل الأهواء والبِدع.