جميع المؤشرات توحي بأن فكرة عقد مؤتمر جامع في لبنان ولدت ميتة، ولاسيما بعد تصريحات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، التي انعكست بشكل دراماتيكي على جهود نبيه بري رئيس مجلس النواب لـ”جمع الأضداد”.
 
 
تتجه قوى المعارضة اللبنانية ولاسيما الممثلة للطائفة السنية إلى مقاطعة مؤتمر واسع دعا إليه الرئيس ميشال عون الخميس المقبل، حيث أبدى تيار المستقبل وكذلك رؤساء الحكومات السابقون عدم حماستهم للمشاركة في ظل “البرنامج الهلامي” المطروح على طاولة المحادثات.
 
وبدا المؤتمر من وجهة نظر الكثيرين محاولة لإنقاذ الطبقة الحاكمة وعلى رأسها حزب الله الذي يواجه ضغوطا شديدة خصوصا مع بدء تنفيذ قانون قيصر الأميركي في سوريا الأسبوع الماضي والذي يعتبر الحزب أحد أبرز المعنيين به لجهة انخراطه منذ 2013 بقوة في النزاع الجاري بالبلد الجار.
 
وشهدت الأيام الماضية تحركات حثيثة ولاسيما من طرف رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل الشيعية نبيه بري، يساعده في ذلك المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، لإنجاح لقاء بعبدا الذي كان من بنات أفكار بري قبل أن يتبناه الرئيس ميشال عون.
 
 
مروحة تحركات بري تبدو أنها تعطلت في الساعات الأخيرة في ظل الأنباء الواردة من قوى المعارضة الوازنة، خصوصا بعد إطلالة رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية السابق المثير للجدل جبران باسيل، الذي لم يترك حليفا أو خصما دون أن يوجه له سهام انتقاداته، مصرا على موقفه لجهة أنّ ما يحدث في لبنان مؤامرة على العهد، ليخلف حديثه أجواء مكفهرة من شأنها أن تنعكس سلبا على المؤتمر الموعود.
 
واعتبر أن “هذه المنظومة كانت قطعت السيولة المالية لتطلق شرارة الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول، ومع تراجع الحراك الصادق قررت أن تتلاعب بسعر صرف الليرة، وتسكر (تغلق) حنفية الدولار، لتعيد السيناريو نفسه الذي أسقط حكومة الرئيس كرامي في العام 1992. وكلما الحكومة دقت بهذه المنظومة، سيتكرر السيناريو نفسه، مثلما جن جنونهم في التعيينات المالية الأخيرة. لذلك يجب أن تبقى الحكومة جاهزة لتمنع سقوط التغيير”.
 
وترى أوساط سياسية لبنانية أن كلام باسيل الذي سعى من خلاله إلى تعليق الأزمة المركبة التي تعصف بلبنان على شماعة المؤامرة، وتخوين الأطراف الداخلية المقابلة ولاسيما تيار المستقبل حينما وصف استقالة زعيمها سعد الحريري في تشرين الثاني الماضي بالهروب، من شأنه أن ينسف أي جهود لإنجاح الحوار المرتقب.
 
وتلفت هذه الأوساط إلى أن إيحاء أقطاب تحالف 8 آذار بأن الحوار سيتم في الموعد المقرر له وبمن حضر يعزز فرضية أن الهدف من المؤتمر لم يكن تذويب الخلافات والالتقاء حول مصلحة لبنان، بقدر ما كان الهدف منه هو جر أقدام القوى المعارضة؛ فإن رفضت فإنه يتم تخوينها وتأليب الرأي العام ضدها، بزعم أنها منخرطة في مشروع خارجي يهدف إلى إسقاط لبنان، وإدخاله في فتنة طائفية.