لو اجتمع أصحاب الدعوة على حقوقهم المعيشية والمطلبية والاجتماعية والامنية هل كان الوزير ليحضر لو اجتمع هؤلاء استنكارا لاستباحة المدينة بالسلاح المتفلت واستنكارا لكل أشكال التهميش واللامبالاة بحق المدينة هل كان الوزير ليحضر؟ وماذا لو اجتمع هؤلاء للمطالبة بتجهيز وتطوير مستشفى بعلبك الحكومي وماذا وماذا ،وأوين هؤلاء عن كل ما يحصل بحق بعلبك وأهلها.
 

في الإحصائية الأخيرة لوزارة الصحة العامة ومستشفى رفيق الحريري أن 51 إصابة جديدة يوم أمس تم تشخيصها بفيروس كورونا ما يرفع عدد الإصابات في لبنان إلى 1587 إصابة ولا تزال المؤشرات والتقديرات المحلية والدولية تتحدث عن المزيد من حالات تفشي المرض كأمر واقع لا مفر منه.

في هذا الوقت سُجل خلال اليومين الماضيين إلغاء بعض القرارات المتعلقة بإجراءات التعبئة للحد من انتشار المرض أسوة ببقية الدول لكن ذلك لا يعفي من استمرار الحذر والانتباه والتعاطي بجدية ومسؤولية تجاه هذه الجائحة.

وبالرغم من استمرار ارتفاع معدل الإصابات لبنانيا انطلقت دعوة في مدينة بعلبك لتكريم وزير الصحة حمد حسن تحت عنوان  تكريم جماهيري واسع للسيد وزير الصحة على "جهوده المباركة" في "مكافحة الكورونا" حيث سارع إلى تلبيتها ضاربا عرض الحائط بجهوده "المباركة"  و "بمكافحة" كورونا وبكل الإجراءات الإحترازية التي دعى إليها الوزير نفسه  ونسفت كل ما كانت تطالب به المؤسسات المعنية من وزارة الداخلية ووزارة الصحة من التباعد الاجتماعي  فشكّلت مشاهد الاحتفال سابقة خطيرة.

ما نعرفه عن التكريم هو أن يكون بحجم الإنجازات وتحقيق الأهداف والرؤى والتطلعات التي تحققت.
 أما ما حصل في مدينة بعلبك من احتفال بوزير الصحة فلم يكن سوى عراضة إعلامية غير مسؤولة بل غير مبررة في هذا الوقت بالذات ولإعتبارات كثيرة وعديدة أهمها أننا لم نخرج بعد من أزمة الوباء وخطورة  انتشاره كما أننا أمام أزمات متلاحقة ومتواصلة بدء من كورونا مرورا بالأزمة الإقتصادية والمالية وصولا إلى الأزمة المعيشية التي تصيب لبنان من أقصاه إلى أقصاه وتضرب بعلبك والبقاع بكل سطوتها وقوتها وكل هذه الازمات لم تنته بعد لا سيما موضوع الدعوة "الجهود المباركة ومكافحة كورونا" 

في بعلبك يوم أمس كانت كل الإجراءات ومقولات التباعد الإجتماعي كانت كذبة كبيرة وكان بطلها وزير الصحة نفسه الذي يفاخر ويفاخر معه أصحاب الدعوة بإنجازاته المصطنعة وأقاموا احتفالهم وعراضاتهم بجانب مستشفى بعلبك الحكومي الذي يفتقر إلى الحد الأدنى من التجهيزات الطبية واللوجستية التي تمكنه من استقبال مرضى الانفلونزا العادية فضلا عن الامراض الأخرى 
 
إن التكريم المفروض هو للجسم التمريضي الطبي الذي عمل خارج الشاشات والمؤتمرات والذي عمل وما زال يعمل خارج التظاهرات الاعلامية والعراضات التافهة أعني بهم مؤسسات الصليب الاحمر والهيئة الصحية وغيرها وكذلك الممرضين والممرضات في مستشفى رفيق الحريري وغيرها من مستشفيات لبنان.

كان ينقص الوزير بعض الحياء والجدية والشفافية والمسوؤلية  وكان ينقص أصحاب الدعوة هذه بعض المسؤولية والجدية والصدق تجاه أهلهم ومدينتهم.
    
لو اجتمع أصحاب الدعوة على حقوقهم المعيشية والمطلبية والإجتماعية والأمنية هل كان الوزير ليحضر؟  لو اجتمع هؤلاء استنكارا لاستباحة المدينة بالسلاح المتفلت واستنكارا لكل أشكال التهميش واللامبالاة بحق المدينة هل كان الوزير ليحضر؟ وماذا لو اجتمع هؤلاء للمطالبة بتجهيز وتطوير مستشفى بعلبك الحكومي؟ وماذا وماذا  فأين هؤلاء عن كل ما يحصل بحق بعلبك وأهلها 

لم تكن مدينة بعلبك بحاجة ألى العصا للرقص على أوجاع أهالي المدينة،  بعلبك بحاجة للعصا التي ترفع في وجه التهميش واللامبالاة، للعصا التي تضرب الفقر والجوع والإهمال، العصا التي تضرب كل أشكال الفلتان الامني والاجتماعي وكل أشكال السلاح المتفلت الذي يرهب المدينة وأهلها كل يوم.

لم تكن بعلبك بحاجة إلى أن تقدم فروض الطاعة والولاء إلى هذا الحزب أو ذلك الزعيم أو ذلك السيد أو الوزير بقدر ما هي بحاجة إلى الحضور المسؤول في ساحات العمل تجاه المدينة وأهلها وحاجاتها بعيدا عن احتفالات الكذب والتملق وصناعة الزعامات على حساب القوت وفرص العمل ومحاربة البطالة.