تحت عنوان ‘‘لا خروج من النفق المظلم قبل الخريف... فأي محور ينتصر؟’’، كتبت وكالة الأنباء المركزية:
 
 
يُمكن القول ان امين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله حسم في اطلالته الاخيرة وجهة لبنان نحو الشرق من خلال دعوته الى تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي مع المحور الشرقي اي سوريا، العراق وايران وصولاً الى روسيا والصين كبديل عن الإنفتاح على الولايات المتحدة الاميركية والمجتمع الغربي ومعهما دول عربية وخليجية عديدة، وذلك ردّاً على سياسة واشنطن التي تُحاصر لبنان بعملتها الخضراء على حدّ قوله وتمنع تدفّق الدولار الى الاسواق اللبنانية.
 
هذا التوجّه نحو السوق المشرقية "المأزومة" أصلاً إقتصاديا ومعيشياً يُناقض التوجّه الاقتصادي التاريخي للبنان على مرّ السنوات على ما تُذكّر اوساط دبلوماسية غربية لـ"المركزية"، حيث كانت بيروت نقطة إلتقاء بين الشرق والغرب وتحوّلت بفضل هذا الدور المتميّز الى مركز جاذب للإستثمارات من مختلف الدول نتيجة النظام الاقتصادي الحرّ المعتمد فضلاً عن القطاع المصرفي القوي الذي يرفع "السرية المصرفية" عنواناً له".
 
وترجمت بيروت هذا التوجه الاقتصادي الحرّ في مواثيق سياسية عدة لعل أبرزها ميثاق 1943 بين رئيس الجمهورية بشارة الخوري (الماروني) ورئيس الحكومة رياض الصلح (السنّي) الذي نصّ على "ان لا شرق (الوحدة العربية) ولا غرب (الوصاية الفرنسية)، ليُعزّز هذا الميثاق لاحقاً بسياسة دبلوماسية تعتمد الحياد مبدأ اساسياً في التعامل مع الخلافات بين الاشقاء العرب مع مناصرة القضية الفلسطينية، وذلك تحت عنوان "مع العرب إذا اتّفقوا وعلى الحياد اذا اختلفوا".
 
اما عام 1958 ايام الناصرية والوحدة العربية وصراع المحاور وبعد الحرب الاهلية، قامت معادلة جديدة مع الرئيس فؤاد شهاب مدعوماً من الاميركيين هي "لا غالب ولا مغلوب"، وإعتمدها مدماكاً اساسياً في ورشة إنشاء الدولة الحديثة المتطورة، دولة المؤسسات والقانون عبر إصدار مراسيم تشريعية عدة نظّمت العمل داخل المؤسسات وإستحدثت مرافق عامة لا تزال موجودة حتى الان.
 
غير ان هذه الصيغة التي تعكس التنوّع اللبناني والمشاركة في الحكم يبدو انها آيلة الى السقوط إنطلاقاً من استحقاقات وحوادث مرّت في شريط اليوميات اللبنانية، وهو ما اقرّت به الاوساط الدبلوماسية الغربية من خلال إشارتها الى "ان الجميع في لبنان موالين ومعارضين يعترفون بان صيغة "لا غالب ولا مغلوب" قد سقطت ولا بد من وجود معادلة جديدة فيها "غالب ومغلوب".
 
وإعتبرت "ان المنطقة ومنها لبنان مُقبلان على صيغة جديدة وعلى موازين قوى جديدة لن تكون بعيدة من هذه الصيغة، وبالتالي فإن لبنان بحكم موقعه الجغرافي الذي يتلقى ردّات اللاعبين الدوليين والاقليميين لن يكون بمنآى عن تغيير صيغ الحكم الجديدة المعتمدة في اكثر من دولة يُعمل على حلّ أزماتها السياسية".
 
وفي الاطار، اوضحت الاوساط "ان لبنان سيمرّ بفترة صعبة للغاية مفصلية وخطيرة قد يخرج في نهاية ايلول المقبل من النفق المُظلم"، ولفتت الى "ان الوضع في المنطقة خاضع لايقاع صراع المحورين الاميركي والايراني وكل من يدور في فلكهما، ومن المُفترض ان تُحسم نتيجة هذا الصراع في بداية فصل الخريف، وتحديداً مع الانتخابات الرئاسية الاميركية، وحتى ذلك التاريخ، فإن اي تغيير حكومي في لبنان غير وارد بإنتظار إتّضاح صورة التطورات الاقليمية والدولية".