صار المواطن تحت رحمة العدّادات؛ يتأرجح بين عدّاد «كورونا» الذي يسجّل يوميًّا مزيداً من الاصابات، وبين عدّاد الدولارات التي يطيح يومياً ما تبقّى من قيمة الليرة اللبنانية، وبين عدّاد عمليات التخريب والفوضى وابطالها المجهولين أو المجهَّلين، وبين عدّاد الدعوات الحوارية المتتالية وبياناتها المستنسخة عن بعضها البعض، وعدّاد الخطابات الحكومية التي اصبحت خبزاً يومياً، وعدّاد صرخات الناس المتزايدة ومطالباتهم المتتالية بيد تنتشلهم من قعر الأزمة، وعدّاد الاسعار التي ترتفع على مدار الساعة، والغلاء عمّم الفقر على مكونات الشعب اللبناني. كلّها عدّادات شغّالة بأقصى طاقتها، فيما المُعطّل الوحيد هو عدّاد الخطوات العلاجيّة والمبادرات الإنقاذية، فمحرّكاته يبدو أنّ الصدأ السياسي قد أكلها!
 
 
 
ليس معروفاً، والحال هذه، متى ستتوقف السلطة عن الدوران في تلك الحلقة المفرغة، وحتى ولو توقفت عن ذلك، فماذا في يدها لتفعله أو تقدّمه للبنانيين، غير تقطيع الوقت والانكفاء خلف خط المسؤولية؛ لقد وعدت بخطوات لحماية العملة الوطنية، من الدولار الذي يبتلع قيمتها شيئاً فشيئاً، حتى لا يكاد يبقى منها شيء، واما النتيجة السريعة لهذا الوعد، فتبدّت في انّه ضاع في الطلب المتزايد وبكثافة على دولار مفقود من السوق، وهو امر انعكس بوضوح في ازدحام الناس امام محال الصيرفة طلباً لـ200 دولار، ولا يجدونها، فيما السوق السوداء تلعب بلا حسيب او رقيب، ودفعت بالدولار الى ما فوق الخمسة آلاف ليرة؟!
 
 
 
 
 
امام هذا الوضع، تتقاطع تقديرات كل الخبراء في الاقتصاد والمال، بأنّ لبنان اقترب من الحضيض، ولم يعد يملك متسعاً من الوقت، مع ازمة تتعاظم اكثر فأكثر، وهشاشة تتزايد في الواقع السياسي المكبّل بالتناقضات.