تواصل معظم الدول الأوروبية فتح حدودها ومطاراتها لليوم الثاني على التوالي، وذلك بعد ثلاثة شهور من الإغلاق بسبب تفشي جائحة كورونا في القارة العجوز.
 
 
اتخذت أوروبا خطوة كبرى نحو العودة للحياة الطبيعية مع فتح العديد من البلدان حدودها أمام المواطنين الأوروبيين.
 
وقالت يلفا يوهانسون مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية، لمبعوثي الدول الأعضاء الأسبوع الماضي: "ينبغي أن تفتحوا الحدود في أسرع وقت ممكن".
 
وفي فرنسا استؤنف تدريجيا تسيير الرحلات في مطار شارل ديغول، في حين افتتحت سويسرا جميع المراكز الحدودية من دون قيود واستعادت حركة المرور مع فرنسا وألمانيا والنمسا وإيطاليا.
 
أما إسبانيا التي ما زالت تفرض قيودا على السفر الداخلي لأسبوع آخر وستستأنف أنشطة السياحة الخارجية مطلع يوليو المقبل بشكل كامل، فقد سمحت لآلاف الألمان بالسفر إلى جزر البليار على سبيل التجربة لمدة أسبوعين.
 
وفتحت إيطاليا حدودها في الثالث من يونيو، واحتفلت المدن والبلدات الواقعة على الحدود الشمالية السبت، مع فتح بولندا البوابات الحدودية.
 
وقامت ألمانيا، مثل فرنسا ودول أخرى، برفع ما تبقى من نقاط التفتيش على الحدود الاثنين، وألغت الاشتراط على القادمين إثبات أن لديهم سبب وجيه للدخول.
 
كما خففت ألمانيا من التحذير ضد السفر غير الضروري للبلدان الأوروبية، باستثناء فنلندا والنرويج وإسبانيا، حيث لا تزال قيود السفر قائمة، والسويد، حيث يعتبر مستوى الإصابات الجديدة بالفيروس مرتفعا.
 
وستطلب السلطات التشيكية من الوافدين من السويد إظهار نتيجة اختبار سلبية لكوفيد-19 أو الحجر الذاتي، وكذلك الوافدين من البرتغال ومنطقة سيليزيا البولندية.
 
 
وتفتح النمسا الثلاثاء حدودها مع الدول الأوروبية المجاورة، باستثناء إسبانيا والبرتغال والسويد وبريطانيا، وتبقى على تحذير السفر لمنطقة لومباردي الأكثر تضررا في إيطاليا.
 
كذلك تفتح الدنمارك أبوابها فقط للسياح من ألمانيا والنرويج وأيسلندا، إذا تمكنوا من إثبات أنهم يقيمون لمدة ست ليال على الأقل.
 
وعربيا، أعلن وزير الطيران المدني المصري محمد منار، الأحد، استئناف حركة الطيران في جميع المطارات المصرية اعتبارا من مطلع يوليو المقبل.
 
وفي الإمارات، أعلنت السلطات الاثنين، أنه سيتم اعتبارا من يوم الـ23 من يونيو الجاري السماح للمواطنين والمقيمين بالدولة بالسفر إلى وجهات محددة.
 
تأثير فتح الحدود والمطارات
 
وحول الأثر الإيجابي لإعادة فتح الحدود والمطارات في عدد من الدول حول العالم على الاقتصاد، أوضح الخبير الاقتصادي مازن أرشيد، أن لذلك تأثير مهم على المستثمرين والمستهلكين وخصوصا في القطاعات الاقتصادية الأكثر تضررا من تفشي فيروس كورونا المستجد مثل السياحة والنقل الجوي والضيافة والتجزئة.
 
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، قال أرشيد إن فتح الحدود سواء كانت برية أو بحرية أو جوية مهم بالنسبة للمستثمرين الذين يدركون أن ذلك لا يعني بالضرورة العودة بالاقتصاد إلى ما كان عليه قبل أزمة كورونا.
 
وبدوره أشار أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، إسلام عنان، إلى أن فتح الاقتصاديات كما جرى في أوروبا وعدد من الدول في الشرق الأوسط والعالم، له انعكاس على الوضع الصحي أيضا إلى الجانب المالي، إذ أن ذلك سيسهّل من توريد الأدوية والمعدات الطبية، الأمر الذي يساعد العالم في معركة القضاء على كورونا.
 
أما أستاذ الاقتصاد السياسي في لندن، ناصر قلاوون، فاعتبر أن الفتح الجزئي للاقتصاديات سيفيد المستثمرين في السلع الاستهلاكية والقطاعات المرتبطة بها على المدى القصير، لافتا إلى معاناة دول أوروبية مثل بريطانيا لمشكلة نقص الأيدي العاملة، وهو ما يضغط لجلب عمال من أوروبا للعمل بدون حجر صحي، لإنقاذ الموسم الزراعي.
 
 
 
العودة لاقتصاد ما قبل كورونا
 
ورغم التفاؤل بالخطوات التي تتخذها الحكومات حول العالم لضمان عودة الاقتصاد والأعمال إلى سابق عهدها قبل انتشار كورونا، إلا أن بعض التقارير تشير إلى صعوبة المرحلة القادمة، حيث قالت مديرة صندوق النقد الدولي، الخميس، إن الحكومات في أنحاء العالم أنفقت عشرة تريليونات دولار على الإجراءات المالية المتخذة في مواجهة الوباء وتداعياته الاقتصادية، لكن ثمة حاجة لمزيد من الجهود الكبيرة.
 
وأوضحت كريستالينا جورجيفا أن تقديرات جديدة تفيد أن ما يصل إلى 100 مليون شخص قد ينزلقون إلى الفقر المدقع بسبب الأزمة، مما سيمحو مكاسب تقليص الفقر للأعوام الثلاثة الأخيرة.
 
وتوقع البنك الدولي الأسبوع الماضي أن يتسبب فيروس كورونا في تقلص الناتج العالمي 5.2 بالمئة في 2020، وهو ما سيكون أعمق انكماش منذ الحرب العالمية الثانية.
 
وسيُحدّث صندوق النقد توقعاته في 24 يونيو، وبحسب جورجيفا فإنه بات "مرجحا للغاية" إجراء مزيد من التخفيضات على توقع الصندوق الصادر في أبريل لانكماش الناتج العالمي ثلاثة بالمئة.
 
وكتبت في تدوينة على موقع الصندوق إنه بغية النهوض بتعاف أكثر شمولا، ينبغي أن ينصب "تحفيز مالي كبير" على الحد من فقد الوظائف والحيلولة دون تنامي عدم المساواة.
 
وتابعت أن الاستثمارات ينبغي أن تركز على تحسين توافر الرعاية الصحية والتعليم وتقوية الحماية المناخية وتوسيع إتاحة المنتجات المالية والتكنولوجيا للأسر منخفضة الدخل والشركات الصغيرة.
 
وأرجع الخبير الاقتصادي مازن أرشيد "التشاؤم" في التوقعات المرتبطة بالنمو الاقتصادي المتوقع إلى ما وصفه بـ"ضبابية المشهد" المتعلق بكورونا، حيث تتأثر الأسواق المالية والاستثمارات بالأخبار والتوقعات "غير المؤكدة" بوجود موجة ثانية للفيروس، في حال فتح الدول أبوابها كما كانت قبل ظهور المرض.
 
ومن جانبه، اعتبر أستاذ الاقتصاد السياسي، ناصر قلاوون، أن التقارير التي تتوقع موعد عودة الاقتصاد العالمي للتعافي، يجب أن تخضع للمراجعة، منوها رغم ذلك بأهميتها كمؤشرات لوكالات دولية مثل برنامج الأغذية العالمي أو وكالات الطاقة الدولية كي تخطط للمستقبل على نحو أدق، وإعادة توجيه أولوياتها.
 
 
حلول وإجراءات
 
وبينما يواصل فيروس كورونا تفشيه حول العالم، وتسجيله حتى كتابة هذه السطور أكثر من 8.141.521 إصابة حول العالم، تلوح في الأفق حلول اقتصادية وحزم مساعدات تحرص الحكومات على تبنيها وإطلاقها من وقت لآخر، لدعم القطاعات المتضررة من الوباء الذي فتك بأكثر من 439.713 أشخاص.
 
وفي هذا السياق، أوضح أرشيد في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن على الحكومات الاهتمام بدعم الشركات الصغيرة لكونها الأكثر توظيفا للأيدي العاملة، وتمثل ما يقارب 90 في المئة من إجمالي الشركات.
 
وأضاف أرشيد: "ينبغي التنسيق الحكومي مع البنوك المركزية والمصارف التجاري لتخصيص نسبة 5 في المئة مثلا على هيئة قروض مالية للشركات الصغيرة مع منحها فترة سداد لسنة كاملة مثلا، وتكون الفائدة على تلك القروض لا تتخطى 3 في المئة، وهو ما سيساعدها على الصمود والعودة للعمل، وبالتالي تخفيض معدلات تسريح العمال والبطالة".
 
ودعا قلاوون بدوره إلى استمرار ضخ الحكومات للأموال في القطاعات الحيوية مثل الصناعات الغذائية، فضلا عن دعم صغار المستثمرين غير القادرين على تحمّل رواتب الموظفين وإيجارات المحلات التجارية في هذه الظروف.