تكلّم ابن خلدون عن «تقليد الغالب للمغلوب…»، وهذا ما يحصل بالتحديد في البيئة السياسيّة المسيحيّة بعد توقيع اتفاق الطائف، وخصوصاً بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان في نيسان الـ2005.

لقد شعر المسيحيون انّ اتفاق الطائف أفقدهم «درجة» وأعطى المسلمين «درجة» في سلّم النفوذ السياسي.


 

واندفعوا لتقليد هذا «الغالب» السياسي بكل تفاصيل الحياة السياسية، خصوصاً تلك التي تضرب الميثاق الوطني بوضوح وتعوق قيام دولة القانون.

 

فإذا أنشأ المسلمون «بالقطعة»، ومن خارج قانون اللامركزية الإدارية الذي ينبغي ان يدرس اليوم بعيون شباب الـon line، محافظة في عكار وفي بعلبك - الهرمل سارَعوا إلى إنشاء محافظة في جبيل وكسروان.

 

واذا قامت بعض القوى السياسية بالاستقواء بسوريا لتعزيز نفوذها في الداخل، سارعوا وبرّروا استقواءهم بإيران اليوم للحجّة ذاتها.

 

أمّا اذا أنشأت طائفة ثنائية حزبيّة إلغائية للآخرين ودعت الناس الى اللجوء إلى داخل مربّعاتهم الطائفية، سارعوا إلى إنشاء ثنائية حزبيّة واعدين أنفسهم والآخرين بحماية مصالح الطائفة!

 

وإذا قام البعض باستباحة جيوب الناس وخزينة الدولة وجعل من الفساد نظام حياة، سارعوا في الدخول الى الفساد بحجّة انّ «المسلمين ليسوا أشطر منّا بالسرقة»!

 

لقد قال البطريرك نصرالله صفير ومعه المطران يوسف بشارة: «إنّ الموارنة للبنان وليس لبنان للموارنة»!

 

ليس هناك من «غالب» يجب استنساخه، وليس هناك من «مغلوب» يجب استرضاؤه. في لبنان الغالب هو فسادكم جميعاً وسوء فهمكم للبنان جميعاً وعدم قدرتكم على إدارة البلاد جميعاً.

 

والمغلوب هو لبنان السيّد الحر المستقل ودولة الحق والقانون وفقاً للدستور واتفاق الطائف.

 

هذه هي المعركة الفعلية التي يجب خوضها والدفاع عنها إلى آخر نفس.

 

أمّا معركة سلعاتا وقانون الانتخابات المذهبي والمحاصصة الادارية... وتوزيع فساد الفيول والبنزين على الطوائف فلا تعنينا.

 

كل مواطن في لبنان ينظر إليكم بعين الشفقة التي لا تستحقّونها حتى!