أمّا إذا كُنت تحلم بالعودة إلى مقاعد السلطة التي تلفُظُ أنفاسها الأخيرة اليوم، فهذه مهزلة أخرى لا تقلُّ عن مهزلة استقالتك في السعودية التي تلوتها مُكرهاً وعُدتَ عنها طوعاً، ولا تجد لذلك مخرجاً سوى مهاجمة حلفائك، والتّمسُّح والمداجاة لأعدائك، والله لقد هزُلت وبانَ هُزالها.
 

يقول الرئيس سعد الحريري لقائد القوات اللبنانية سمير جعجع: بعدك ما بتعرف من هو سعد الحريري، هزُلت..وهي بالفعل هزُلت وربّ الكعبة، كما تُقسمُ العرب، وبان هُزالها منذ تلاوة دولتكم لكتاب الإستقالة من رئاسة الحكومة في المملكة العربية السعودية بتاريخ الرابع من تشرين الثاني عام ٢٠١٧، ومن ثمّ عودتكم عنها، فأنت يا دولة الرئيس لم تكن صادقاً وصريحاً كما كُنت يوم تلاوة تلك الإستقالة، فقد وضعتَ يومها الإصبع على الجرح وأنت تخاطب "شعب لبنان العظيم"، من تدخُّل إيران السافر في المنطقة العربية ومن بينها لبنان، إلى هيمنة حزب الله على شؤون لبنان وحياته السياسية والعسكرية والأمنية، نعم يا دولة الرئيس، ظهرت يومها صادقاً ومُتصالحاً مع نفسك وطائفتك وسائر المواطنين، عندما استفضت في إظهار إحباطك وسوء المُنقلَب الذي رافق رحلتك الرئاسية "المشؤومة" التي حملت الجنرال عون إلى سدة الرئاسة الأولى،

إقرأ أيضا :  الشيخ ياسر عودة..صرخة حقّ في وجه الثنائية الشيعية

 

واستفحال الفساد والاستبداد ونهب المال العام والمحاصصات والمحسوبيات الطائفية والمذهبية على يد تحالف مارمخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر، ممّا جعل يدك مغلولةً  إلى عُنُقك وهي السُّفلى، ويد حزب الله هي العُليا، لذا جئت بكتاب استقالتك تلك من داخل المملكة العربية السعودية شاكراً ثقة من وثق بالوعود والأماني التي نثَرتها طوال فترة تولّيك مقاليد الحكم التي أورثها لك الوالد الشهيد رفيق الحريري، ليتبيّنَ اليوم يا دولة الرئيس أنّه كان أشرف لك وللمواطنين أجمعين ألف مرّة لو أنّك ثبتَّ على أقوالك في كتاب الإستقالة ذاك، وقرنتَهُ بالأفعال، بدل أن تستجدي المساعدة من الوزير جبران باسيل وعمّه رئيس الجمهورية لفكّ عُزلتك والعودة عن الإستقالة، والتي كانت فرصتك الوحيدة لتصحيح الخلَل وتدارك الأخطاء التي تسبّبت بها سياسة المحاصصات الطائفية ونهب المال العام ونشر الفساد في كافة مرافق البلاد، وأنت في صميمها وأبرز صانعي فصولها، حتى قذفتْ بك اليوم هذه الطبقة السياسية الفاسدة خارج الحكم، أمّا إذا كُنت تحلم بالعودة إلى مقاعد السلطة التي تلفُظُ أنفاسها الأخيرة اليوم، فهذه مهزلة أخرى لا تقلُّ عن مهزلة استقالتك في السعودية التي تلوتها مُكرهاً وعُدتَ عنها طوعاً، ولا تجد لذلك مخرجاً سوى مهاجمة "حلفائك"، والتّمسُّح والمداجاة "لأعدائك"، والله لقد هزُلت وبانَ هُزالها.