فيما تحيط تساؤلات تشكيكية بالطريقة التي يتم فيها توحيد ارقام الخسائر بعيداً عن العلمية والتقنية، يبقى المواطن اللبناني عرضة للاستهداف من كل جانب. فمن ناحية تهدده فتنة سياسية بأبعاد طائفية ومذهبية، ومن ناحية ثانية تهدده فتنة من نوع آخر لا تقل خطورة، وتتواصل فصولها، ألا وهي الفتنة المالية المتمثّلة بالسطو على اموال المودعين، وفق خريطة طريق ترسمها خطة الحكومة، والتي يسعى اجتماع بعبدا الى تبنّي أرقامها المقدّرة للخسائر، واعتبارها الاساس الصالح للمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، علماً انّ التعويض عن هذه الخسائر وبحسب ما تنصّ عليه ما تسمّيه الحكومة «خطة التعافي»، يتمّ من أموال المودعين وعلى حسابهم، بما ينزع عنها صفة «التعافي»، ليعطيها وصفها الحقيقي، أي خطة نهب الودائع!


وما يثير علامات الاستفهام هو انّ محاولة توحيد أرقام الخسائر التي تسعى اليها بعبدا، تأتي بالتزامن مع العمل الحثيث الذي تقوم به لجنة المال والموازنة عبر جلساتها المتتالية في مجلس النواب للوصول الى تحديد دقيق لأرقام الخسائر مع الجهات المعنية بها، وتحديد مكامنها وتضييق الفوارق وإعادة توزيعها في أماكنها الصحيحة بدقة وبطريقة علمية، وليس بطريقة السلق، على ما يتبدّى في اجتماعات بعبدا.


ويبرز في هذا السياق ما أعلنه رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان بعد اجتماع لفرعية لجنة المال لتقصّي الحقائق «أنّ كل المقومات موجودة للنهوض بالاقتصاد شرط استعادة الثقة وفق معايير علمية لا وفق تركيبات في غير محلها»، معتبراً «أنّ استعادة الثقة لا يمكن ان تكون بضرب ثقة المودع والمُقرض».