يجب أن يخرج الطابور الخامس من دائرة الاتهامات العبثية ويجب الكشف عن حقائق الامور لا سيما أننا أمام فتنة مذهبية طائفية لا يزال البعض يريد استغلالها عند الحاجة.
 

الطابور الخامس ذلك الكائن المعلوم والمجهول في نفس الوقت، يعرفه كل لبنان بشعبه وأجهزته ومؤسساته وأحزابه، هذا المخرب الكبير الذي يترصد اللبنانيين دائما عند كل منعطف ويضرب ويهرب، ثم يختفي ولم يستطع أحد العثور عليه، فلم تستطع كل الاجهزة الامنية القبض عليه ولا مرة متلبّسا، يأتي فجأة ويختفي فجأة.

 

 

تلك هي حال اللبنانيين مع "الطابور الخامس" الذي تلصق به الخطايا والبلايا السياسية والطائفية والدينية عند كل أزمة وفي كل بلية، وقد بات هذا الطابور الملعون شمّاعة الهروب من المسؤوليات، ووسيلة الهروب من العجز والفضائح.

 

 

ما حصل منذ يوم السبت الفائت من أضاليل وفتن كادت أن تودي بالبلاد إلى حافة حرب أهلية ألصقها الجميع ب "الطابور الخامس" لأن أحدا لا يريد أن يقول الحقيقة، لأن أحدا لا يريد أن يعترف أن اللبنانيين جمعيهم مجرد دمى أمام سطوة التعصب والطائفية والمذهبية وأن اللبنانيين جمعيهم شعب مجرد من الوطنية وأن كل ما يهمهم هو الطائفة والمذهب والحزب، وقد تركوا جميع قضاياهم ووقعوا في فخ الطابور الخامس الذي لا يريد هو بناء الدولة ولا يريد هو وضع حد للفساد ولا يريد محاسبة المسؤولين عن الهدر والسرقة ونهب المال العام.

 

إقرأ أيضا : السلاح الذي يحمي الفساد ليس سلاحا للمقاومة

 

كان المشهد مأساويا بالطبع يوم السبت عند انفلات الامور نحو إقحام الطوائف في تظاهرة مطلبية همها الاول والآخر لقمة العيش واستعادة الدولة، وقد خرج زعماء الطوائف والسياسيين عن بكرة أبيهم وأجدادهم لتهدأة الأوضاع ووأد الفتنة، ونسي البلد كله أزمة الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي وباتت قضيتنا الوحيدة شتم أم المؤمنين السيدة عائشة كما حصل تماما مع بداية ثورة 17 تشرين عندما شتم احدهم السيدة فاطمة الزهراء وتكرر المشهد ذاته حينها.

 

 

إن ما حصل فعل مقصود  ما كان ينبغي ترحيله إلى الطابور الخامس لأن هذا الطابور  بريء وبريء جدا من كل هذا لأن ثمة مسؤولين عن اقحام البلاد في الفتنة الطائفية عند كل مطلب من مطالب الاصلاح وعند كل تظاهرة ضد الفقر والعوز والجوع.

 

 

على الاجهزة الامنية أن تأخذ دورها في الكشف عن هؤلاء ومشغليهم من السياسيين والأحزاب ومحاسبتهم ومعاقبتهم، وتعلم هذه الأجهزة جيدا  كل ما شأنه الكشف عن هويتهم وهوية مشغليهم.

 

يجب أن يخرج الطابور الخامس من دائرة الاتهامات العبثية ويجب الكشف عن حقائق الامور لا سيما أننا أمام فتنة مذهبية طائفية لا يزال البعض يريد استغلالها عند الحاجة.

 

بيان الطابور الخامس يكشف الكذب والتضليل ويشير بأصابع الاتهام إلى مجموعات مشبوهة معروفة الأهداف بإمكان الأجهزة معرفتها والقبض عليها، وليس من المنطق التنصل من المسؤوليات عند كل منعطف خطير من هذا النوع كاد يودي بالبلاد الى فتنة طويلة وعريضة .