يبدو أن من يدير شبكات حماية السلاح من اللبنانيين يسيء من حيث يدري لمنطق المقاومة التي تصان أكثر كلما ابتعدت عن متاريس السياسة وان استخدامها في كل فاصلة سياسية يجعل منها سلاحاً مرعباً ومخيفاً تماماً كما استخدم الفلسطينيون من قبل مع حلفائهم من اللبنانيين موضوع المقاومة في الزاروب اللبناني.
 

وقع لبنان أمس بين جمهورين لا ثالث لهما في وقت عصيب وفي ظروف سوداء وأوضاع لا أتعس منها على الاطلاق من مصيبة الكورونا الى ارتفاع الدولار في ظل حكومة شاهدة لا أكثر من ذلك وفي ظل قيادة فعلية ما زالت تدير البلاد والعباد كما تشتهي ودون اهتمام بالإنذارات الدولية ولا بأجراس الغلاء ولا بأيّ شيء،  ففائض قوتها جعلها  "تتنسّر" على عصافير الحب في لبنان فتنهب وتعب دون حياء أو دون خجل فالدولة مشاع الأقوياء من أحزاب الطوائف .

بلغ الصوت حناجر المحتجين على الخبز وآخرين محتجين على سحب سلاح ليس باستطاعة أحد أن يسحبه ما دامت المعادلات الإقليمية على ما هي عليه ولكن هناك ضرورة لاستعراض محلي من قبل جمهور السلاح لتغليب منطق السكوت على منطق الصراخ ضدّ الفساد لمصلحة يشخصها المسؤول لحكمة يراها وحده ولا يراها أحد غيره لانسداد الأفق السماوي أمام الآخرين واحتجاب رؤية الغيب عنهم .

إقرأ ايضا : لماذا نكره أميركا ؟

 

اجتمع جمهور السلاح وجمهور الخبز في ساحتين متقابلتين ومتقاتلتين وسط حواجز الأمن التي حارت بين الموجتين رغم أن جماعة الخبز لا حول لهم ولا قوة على مقاومة جماعة السلاح وهذا ما أرعب الكثيرين ممن فضلوا البقاء في البيوت عن النزول الى الشارع بعد أن قاد جمهور السلاح حملات تخويف وتهوين وتخوين طيلة أيام من البث المباشر سواء على شبكات التواصل الإجتماعي أو من خلال الإعلام الموجه والذي استدعى في أكثريته جهابذة جمهور السلاح كي يبثوا سموم مخاطر النيل من السلاح واستخدام لغات التهديد والوعيد بحق من تسول له نفسه الإعتراض على ايّ شيء لأن الإعتراض على الماء والكهرباء والطحين والزيوت والمازوت والبنزين والمعابر والغلاء وصعود دولار والنيل من حكومة الفرجة ومن تيارات الجسور والسدود والتشكيلات والمحاصصات هو اعتراض على السلاح .

يبدو أن من يدير شبكات حماية السلاح من اللبنانيين يسيء من حيث يدري لمنطق المقاومة التي تصان أكثر كلما ابتعدت عن متاريس السياسة وان استخدامها في كل فاصلة سياسية يجعل منها سلاحاً مرعباً ومخيفاً تماماً كما استخدم الفلسطينيون من قبل مع حلفائهم من اللبنانيين موضوع المقاومة في الزاروب اللبناني وكما استخدم أيضاً اليمين اللبناني موضوع المقاومة في الحسابات الداخلية فسقطت بذلك مقاومتيّ اليمين واليسار على حد سواء .

يحبذ البعض تصرفات جماعات السلاح كونه يدشن لمرحلة شبيهة بمرحلة كفر اللبنانيين بسلاح المقاومتين المذكورتين وهو يتناغم بذلك مع ما يحبذه الكثيرون من الخارج ممن يرون في لبنان غلبة كاملة لحزب السلاح وثمّة ضرورة لنزع فتيل هذه الغلبة كي تنفجر بين اللبنانيين وهذا ما يستدعي ضغطاً هنا وانفجاراً هناك وداخل البنية الطائفية المتحسسة  من القوة المفرطة خاصة بعد تراجع تيار الحريري وسلخه عن الحياة السياسية وترك السلطة ملونة بلون واحد أي بهوية سياسية و احدة وهذا ما يعني انتصاراً وغلبة جاءت على فوّهة السلاح .