نحمدُ مِن يُحمد على وفرة الكرامة التي ينعم بها هذا البلد وهذا الشعب الذي ما زال ينعم بأفيائها، وعلى وحدتنا الطوائفية وبيئاتنا المغلقة والمقفلة الأبواب والأحزاب، وعلى نعمة الأساتذة السياسين والدينيين الذين يُسمِّعون لنا في كل يوم دروس الصباح والمساء والماء والطعام والشفاء والدواء.
 

لقد ضاقت الدنيا باللبنانيين، وضاق بهم أمل الحياة وحركة فسيحها، ولم يبقَ أمامهم ضوء نصر يأملون النفاذ منه إلى كرامةٍ من أجزاء أحزابٍ كاملة، لقد منَّ الله عليهم بأحزابٍ لم تعرف إلاَّ الإنتصارات، ولم تذق طعم الهزائم، ولم تشمَّ روائح المارَّة من القهر والذل، فإنتصارات الأحزاب اللبنانية الطائفيَّة، جعلت الشعب اللبناني يتسوَّل على أبواب الزعامات الدينية والسياسية ومحاريب شيوخ تجارة الله والبشر، ولقد ابتلى هذا البلد بالكثير من القادة الأفذاذ والمنظرين الأقحاح، كيف يمكن لبلدٍ أن ينهار ويتقدَّم إلى الوراء بسرعة قياسية، وهو محصَّنٌ بقيادات ورؤوساء وزعماء ناجحين، وهم أرباب تدوير الزوايا؟ كيف يمكن لبلد الإنتصار من جميع أحزابه، وقياداته يتميَّزون بثقافة واسعة وبسياسة محنَّكة وعالية الجودة، بأن يصبح تحت خط الفقر بأمتار؟ وهم يتقنون نجاحهم المالي والتجاري في قطاعهم الخاص بمقياسهم الرختري، بحيث لا يعرفون خسارةً أو هزيمة!!. ويعجزون عن انقاذ بلد العزة والكرامة والأرض المباركة من آفة الفساد والمفسدين، والسارقين والناهبين، ومن آفة الفقر والمرض والجوع والخوف والأمن والصحة ورغيف الخبز. وينتصرون على الشر، وشر الوسواس الخناس الذي يسيطر على أموال الناس وأرزاقهم وحياتهم ومستقبل عيشهم وحياة أبنائهم. عذراً..

إقرأ ايضا : مع الثنائي الشيعي والإسلاميين

 

 لقد ظننا وبعض الظن إثم!. إنَّ الأثواب للزعماء والنواب والوزراء والسلطة، ورجال الكهنة والمغتصبين لحدود الله، وأنَّ الفقراء لا يغطون إلاَّ عوراتهم، حتى يُتيحون لهم مُتع شهواتهم ورغباتهم.. نحمدُ مِن يُحمد على وفرة الكرامة التي ينعم بها هذا البلد وهذا الشعب الذي ما زال ينعم بأفيائها، وعلى وحدتنا الطوائفية وبيئاتنا المغلقة والمقفلة الأبواب والأحزاب، وعلى نعمة الأساتذة السياسين والدينيين الذين يُسمِّعون لنا في كل يوم دروس الصباح والمساء والماء والطعام والشفاء والدواء، وما نحفظه عن ظهر قلب وبطن من شتائم وأناشيد تُحيِّ القادة الأبرار والبررة.

 ويهم يتلون ويرتلون أجزاءاً من أحزابٍ كاملة، ونحسُد من يظن أنه استفاق يوماً من أيام العمر ولم ينم في مقبرة قريبة أو بعيدة في مقابرنا العربية والإسلامية، وربما يصحو الأحياء الموتى إذا ما انتبهوا، وربما يظن الأحياء أنهم يُشيِّعون الموتى، ولا يدرون أنَّ الأموات الذين يظنونهم نائمين في الصناديق هم الذين يحملون نعوشهم... والبعض منهم يعتبر المقابر من حيث تتواجد اللحود والشواهد ورميم العظام، ولا يعلم أنَّ المقابر هي مدن الفقر وأحياء الجهل وأوطان الغربة.