سعادة النائب ومعالي الوزير الدكتور حسين الحاج حسن المحترم،
استلمتم بعلبك منذ اكثر من ثلاثة عقود وسلمتكم بعلبك خلالها اغلى ما تملك في كل المراحل دون أن تطلب منكم جميلاً او عرفاناً. بعلبك قدمت لكم قافلة كبيرة من ابنائها لتنصركم في كل معارككم العسكرية في جنوب لبنان وغيره من جبهات الصراع المحقة التي آمن بها أيناؤها ... بعلبك قدمت لكم اصواتها منذ ثلاثين عاماً وانتخبت لكم نواباً ومجالس بلدية متتالية رغم اختياركم من ابناء عائلاتها من لا اجماع عليه فيها ورغما عن كبارها ... بعلبك قدّمت لكم منازلها التي دمّرت في حرب تموز ٢٠٠٦ ولم تطالبكم بتعويض لأنها بيوت الكرم والوطنية والكرامة والعزة. بعلبك قدّمت لكم مياهها التي تروي قراكم وحقولكم الزراعية دون مقابل لأنها خُلقت لتطعم وتروي كل جائع ومسكين. بعلبك قدّمت لكم قلعتها التي كانت محط انظار الشرق والغرب لتعظيم قيمتكم عندما تلقون خطاباتكم من على شموخ حجارتها التي لم يستطع هزيمتها الزمن.
بعلبك قدمت لكم بيوتها وصالاتها لتكريمكم في كل مناسبة وقدمت لكم الصفوف الأمامية في حسينياتها ومآتمها وأفراحها حبا بكم واحتراما لمقاماتكم ورفعت لكم يافطات الترحيب والصور في كل مناسبة وعند كل زيارة قمتم بها اليها.
بعلبك قدّمت لكم الكثير الكثير، وما بخلت يوماً عليكم بعزيز ....
فماذا قدّمتم لها بالمقابل ؟...
استوليتم على كل مرافقها ووظائفها الإدارية بعد أن حرمتم أبنائها من تولي اي منصب او موقع فيه شرف خدمتها. استوليتم على كل مقاعدها في المجالس النيابية والبلدية والوزارات وفرضتم اناسكم في كل المراكز في مؤسسات وادارات الدولة المحلية. أقفلتم باب قلعتها بوجه السياحة الداخلية والخارجية وحولتموها الى مجرد ركام لا قيمة ثقافية له الا لبعض تجمعاتكم التي قطعت كل امل بعودتها الى عزّها ومكانتها المحلية والعالمية. سمحتم بهدر مياه بياضتها التاريخية لتصبح قاحلة في عهودكم وبعلمكم وغض طرفكم عن المرتكبين. استوليتم على تجارتها واسواقها وجعلتم ابنائها فقراء لمصلحة آخرين غرباء عنها وعن طينتها وتاريخها. حاربتم اكبر عائلاتها وفرقتموها من خلال ابراز بعض ابنائها على حساب كبارها وصادرتم حق ابنائها بتنفيذ مشاريعها فبات مهندسوها عاطلين عن العمل واطباؤها ممرضين في مجمعاتكم وهيئاتكم الصحّية الا من ركع وسلّم، لحساب بعض المنتفعين الذين يربحون كل المناقصات في مشاريعها القليلة العدد لكن الثمينة القيمة والربح. سمحتم لبعض الغرباء عن أهلها بالاستيلاء على الكثير من عقاراتها واردتم فرض بناء ما يخدم ابنائها من مبانٍ حكومية في تلك العقارات استجابة لمصلحة اولئك الطارئين على المدينة وتجاهل مصلحة ابنائها من مواقع اخرى انسب واقرب. سلطتم على مجالسها البلدية مؤسسات العمل البلدي التابعة لكم ورؤسائها الذين هددوا واهانوا كل من يحاول ان يعمل لمصلحة المدينة فبات اعضاء كل البلديات مجرد اصنام ودمى تختبئ خلفها تلك المؤسسات ورؤساؤها وتبرم الصفقات باسمهم وتوزع المشاريع والارباح بما يتناسب ومصالح حاكميها وازلامهم.
ماذا قدّمتم لبعلبك؟
حررتم الجنوب والجرود بدماء ابنائها، وهذا عز وفخر لبعلبك، لكنكم لستم قادرين على تحرير اهالي الشهداء من سطوة بعض المسلحين ومطلقي الرصاص العشوائي الذين يجوبون احياء المدينة ليلا نهارا وجهارا ويرعبون ابناء الشهداء واراملهم. تصعدون المنابر وتدافعون عن اليمن والعالم اجمع وتتركون بعلبك في هاوية الذل والفقر وانعدام الأمن من دون ان يرف لكم جفن او ان تفزعوا لحمايتها من القاتلين والسارقين ولو بمؤتر صحفي يبلسم جراحات اهلها ويطمئن قلوبهم ويشعرهم بالحماية من شريعة الغاب.
استلمتم بعلبك مدينة جميلة بأهلها وطبيعتها وعلاقات ابنائها العائلية المثالية وحولتموها الى ما يشبه الغابات والبراري على كل الصعد الحياتية والإنمائية والأمنية.
نعم، لقد فشلتم في ادارة شؤون مدينتنا وكنتم السبب الرئيسي في تراجعها لأنكم ولّيتم عليها من هو ليس أهلاً للحكم بل طامعاً برزقها ومتسلّطاً على اهلها وفاسداً لا يشبع.
نعم، مطلوب ان تسلموا مفاتيح بعلبك لأهلها الشرفاء الوطنيين الذين يعلمون ما ينفع اهلها ولا يشوهون طبيعتها ويعشقون قلعتها وينشؤون اولادهم على حب بياضتها ومرجتها الجميلة لأنها في ذاكرتهم هي مرتع طفولة آبائهم وامهاتهم حين كانت تملؤها المحبة والإلفة وليست مجرد ساحة استعراض وتجمعات انتخابية
سلّموا بعلبك لأهلها، ففيها رجال ونساء متعلّمون يعلمون ما لا تعلمه ويعلمه من ولّيتم عليها ويخافون عليها لأنهم فيها ولدوا وفيها سيدفنون.
وليعلم كل من يقرأ هذا المقال انني انا، كاتبه، لست منافقاً ولا خائناً ولا عميلاً بل محبّاً لبعلبك وأهلها الطيبين المظلومين وأجرؤ على قول ما اعتقد أنه حق!!