المواقف المتحمّسة وأفضل ما يقال فيها المُرتجلة التي تُطلق بين الحين والآخر، تجعل من السَيف تَنكة... هذه الصورة تلخّص تطورات المرحلة في لبنان على وقع المفاوضات المتتالية بين الوفد اللبناني وصندوق النقد الدولي.
 
 
في غياب الأرقام المتجانسة بين الحكومة والقطاع النقدي والمصرفي، يُفتقد الأمل في الوصول بمرساة صندوق النقد إلى شاطئ الأمان الاقتصادي والمالي.
 
هذا الواقع استنفر السلطة التشريعيّة، واستعجل اجتماعات لجنة المال والموزانة النيابية التي استضافت وفد جمعية المصارف على طاولة مناقشة أرقام الخطة الحكومية، أعقبتها زيارة الوفد المصرفي إلى "بيّ الصبي" رئيس المجلس نبيه بري، استلحاقاً لما قد يطرأ من مباغتات "حكومية" إذا صحّ التعبير..
 
مصدر مصرفي شارك في اجتماع عين التينة قال لـ"المركزية": من واجبنا إطلاع الرئيس بري على أجواء اجتماعات جمعية المصارف مع مجلس النواب، كونه "بيّ الصبي"، وأبلغناه أننا متعاونون إلى أقصى الحدود، وما يهمّنا هو نهوض البلد لا أن يكون في أسوأ أوضاعه لا سمح الله.
 
ولفت إلى أن "الرئيس برّي يتفهّم الوضع الاقتصادي والمالي، ووعدنا بمتابعة الموضوع مع الجمعية للوصول إلى حل يرضي المواطن كي يبقى هناك أمل في لبنان، وهذه أولويّتنا".
 
وأوضح أن جمعية المصارف لم تقدّم خطة اقتصادية بالمعنى الصحيح للكلمة، "إنما جلّ ما في الأمر أنها وضعت تعديلات أو ملاحظات على خطة الحكومة الإنقاذية"، وقال: عندما أعلنت الحكومة تعليق تسديد سندات الـ"يوروبوند" فلم يعاكس القطاع المصرفي قرارها، كما سارعت إلى خَيار رفع سعر صرف الدولار الأميركي، وليس المصارف مَن قرّر ذلك. من هنا، لقد أخذت الجمعية من أفكار الحكومة الواردة في الخطة، وقيّمتها لتحديد ما هو مضرّ اقتصادياً ومنهك للمواطن، وبالتالي سعت إلى إيجاد الحلول على قاعدة "لا يَموت الديب ولا يَفنى الغنم".
 
وكشف المصدر المصرفي أن "المباحثات لا تزال جارية بين الحكومة من جهة ومصرف لبنان وجمعية المصارف من جهة أخرى، والجدير ذكره أن أرقام الحكومة انطلقت من "تصفير" الدين العام الداخلي والخارجي، وهذا أمر لا يجوز إطلاقاً لاعتباره "هيركات" مقنّعاً، إذ في حال لم تدفع الدولة فمن يرفد المودِعين بالأموال؟!"، لافتاً إلى "الفارق الكبير بين إعلان الإفلاس، والإقرار بالتعثّر مع إمكانية سداد بطريقة معيّنة"، وتابع: لقد طلبنا من الحكومة البحث عن طريقة لتسديد الدين، صحيح أن السيولة مفقودة، لكن الملاءة موجودة، وبالتالي يتم دفع الدين تباعاً.
 
واعتبر أن الكرة في ملعب وزارة المال التي أعدّت الخطة، "وإذا رغبت في تعديلها لمصلحة الوطن فنحن كجمعية المصارف ومصرف لبنان مستعدون للجلوس على طاولة البحث، لكن حتى الآن لم يدعُنا أحدٌ للأخذ في رأينا... حتى أن النواب لا يزالون خارج الإيقاع، علماً أن ما هو مطروح في المفاوضات مع صندوق النقد يتطلّب تعديل قوانين لا تُحصى".
 
وخلص المصدر إلى التأكيد أن "جمعية المصارف تُبدي كل إيجابيّة، وهي لا تسعى إلى إلغاء الخطة الاقتصادية إنما تطلب تحسينها... فهل الحكومة ضدّ التحسين؟!"