يعيش العالم بظل  ثورة المعرفة التكنولوجية التي يتم استخدام الوسائل  والادوات المتعددة في ظل هذا الكم الكبير للمعلومات والمتزايد باستمرار جعلت من أساليب التعليم التقليدي القائمة على اسلوب التلقين والتكرار بخزن المعلومات في ذاكرة الانسان الا انه عجز هذا الانسان عن  حفظها كاملة، وفي مختلف جوانب الحياة. بينما استخدام الذكاء التكنولوجي لا يتطلب سوى مهارات بالمعرفة التقنية وهذه المعرفة مرتبطة مع تغيرات  سوق العمل المتجددة. فلم يعد بإمكان الإنسان اليوم  أن يحصل على الوظيفة بمجرد حصوله على الشهادات العلمية فقط بل الامر يتطلب مهارات متقدمة وخبرات تتجاوز التعليم.


ويعد التعليم الالكتروني من أهم الأساليب الحديثة المستخدمة في مجال التربية، والتي تقوم على استخدام آليات الاتصال الحديثة من حاسب آلي، شبكات، وسائط، آليات بحث ومكتبات إلكترونية وكذلك بوابات الإنترنت.


فلا يوجد تعليم من دون هدف يحقق مصالح ذاتية أو عامة، فالدولة لا تنفق أموال طائلة على التعليم من دون تحقيق أهدافها العامة خلال برامجها القصيرة المدى، والبعيدة التي تتطلب سنوات من العمل المضني. ولا يمكن حرق المراحل التعليمية لاكتساب المعارف دفعة واحدة، لأنها مقترنة بمراحل زمنية لكل منها أهدافها المحددة وصولاً إلى مراحل زمنية تعليمية متقدمة خلالها تتحقق أهداف التعليم الرئيسة.


يقول  الخبير التربوي السوفياتي "  ليف فيغوتسكي(  Лев Симхович Выгодский ) : " إن التعليم وأهدافه القربية المدى والبعيدة لا يسير خلف التطور ولا إلى جواره، وإنما يسير إلى أمامه ويرتقي بأنماطه السائدة إلى أنماط أكثر تطوراً "


ويعتقد  البروفسور الانكليزي بيخو باريخ(Bhikhu Parekh  ) :" أن التعليم يهدف إلى الأنسنة وليس إلى التنشئة الاجتماعية وحدها ولا يقتصر على إعداد مواطنين أسوياء وحسب، بل يسعى إلى تنمية طاقاتهم العقلية والأخلاقية وأهتماماتهم الفكرية لينعموا بالرفاه في عالم إنساني يمتاز بالغنى والتنوع.


 والإنسان المعاصر عليه أن يتعلم باستمرار لمواكبة كل جديد، فقد أصبح مفهوم التربية المستدامة هو التعلم مدى الحياة، او هو(طلب العلم من المهد إلى اللحد) اصبح ضرورة من ضرورات الحياة المعاصرة. باستخدام التكنولوجيا الرقمية المعاصر. لكن هنا كحلٍ استثنائي تلجأ إليه الدولة في حال الأزمات، كما هو حاصل في موضوع التعامل مع "فيروس كورونا"،


لقد ظهر مفهوم التعليم الالكتروني حديثا مع بداية الثمانينيات من القرن الماضي من خلال تنامي قدرة التقنيات الحديثة في سرعة نقل الرسائل والبحوث والدراسات (صوتا وصورة)،  والذي يتطلب مستويين من الفهم : 
1-تعلم استخدام الأجهزة الالكترونية الحديثة والإفادة من قدرتها على تسلم وبث وخزن المعلومات، فضلا عن عمليات الإضافة والتحويل والتبديل. 


2- استقبال دروس منهجية من مؤسسة تعليمية بشكل مستمر، وفي مواعيد محددة للحصول على شهادة اكاديمية في اختصاص ما، بعد أجراء بعض الترتيبات الأولية .بعملية الاستخدام المهاري وطرق اكتسابها لأهداف محددة .
أي انه تعليم قائم على الاستفادة من التقنية بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة.
أهداف التعليم الالكتروني


  ان التعليم الالكتروني يقوم على تحقيق الأهداف التالية:


  1-إدخال تقنية المعلومات كوسيلة لتعزيز قدرة الطالب على التعلم إلى أقصى حدود طاقاته.


 2-تقديم الخدمات التعليمية لمن فاتهم فرص التعلم باستخدام الوسائل التعليمية.


3-نشر الثقافة التقنية بما يساعد في خلق مجتمع الكتروني قادر على مواكبة مستجدات العصر.


4--الإسهام في محو الأمية وتعليم الكبار بالمعرفة الى محو امية تقنية .


5- يوفر التعليم الالكتروني فرصة كبيرة لإتمام تعليم، ولا سيما التعليم الجامعي بالتغلب على مصاعب الخروج من البيت، والانتظام في صفوف القاعات الجامعية أي ان هذا النوع من التعليم يهيئ مرونة التعليم مكانياً وزمانياً .


 6-تنمية مهارات الطلبة العلمية، والعملية  . 


7- إن هذا النوع من التعليم ( الالكتروني ) يوفر الوصول الى مصادر متعددة، ومتباينة للمعلومات فضلاً عن إمكانية تبادل الخبرات التربوية .


بسبب الانتشار الواسع لوباء كورونا وقرار عدم التجمع ادى الى إغلاق الجامعات والمدارس في معظم دول العالم ، حيث سارعت العديد من منصات التعلم عبر الإنترنت لتقديم العديد من الدورات التدريبية ضمن مستويات مختلفة للطلاب والأكاديميين وحتى العاملين في مجالات الصحة أو الفنون الإبداعية. وحرصاً من المنار للإعلام على تقديم خدمات مساعدة للقراء، قمنا بإعداد دليل موجز لأبرز المنصات التعليمية العالمية والعربية التي توفر اليوم فرصاً متنوعة لاستمرار التعليم عن بعد.


اذ يتسبب التحول الأخير نحو التعليم عبر الإنترنت، في زيادة عدم المساواة في الوصول إلى التعليم بين طلاب الجامعات في المنطقة في ظل تباين واقع انتشار وسرعة شبكة الإنترنت لكل دولة، إضافة إلى إمكانية امتلاك حواسب شخصية وهواتف ذكية.


أما الانتقال من التعامل الجزئي والاختياري الى التعامل الكلي والالزامي لهذه الوسائل العلمية المتطوّرة فهو تحدٍ من جهة، وفرصة من جهة أخرى.


 ان التمرّس باستخدام العمل التكنولوجي المعاصر ، في ظلّ عالم يتّجه الى تخطّي المسافات الجغرافية ويبني عالماً إفتراضياً يجعل الكرة الأرضية قرية صغيرة يمكن زيارة اي فرد وكل فرد بكبسة زر من أصغر طفل  الى اكبر مستخدم في أبعد نقطة في العالم.. فكيف بالأحرى من شباب متعلّم متمكّن علمياً وتكنولوجياً، ويتهيأ لدخول سوق عمل، هو بدوره يتخطّى الحدود الجغرافية، ويوظّف في شركاته خبراء ومستشارين من بلد الى بلد عبر شبكات الانترنت من دون الحاجة الى انتقالهم الى الحرم الأساسي لمركز العمل… ومن منا لا يعرف أصدقاء يعملون من منازلهم أو من مكاتب تمثيلية لمؤسسات خارج الحدود عبر المنصّات الالكترونية


لقد كشفت منظومة التعليم عن بعد في معظم الدول النقاب عن عدم جاهزية المدارس للتعليم الافتراضي، خاصة بكل ما يتعلق بتأهيل الكوادر من أعضاء هيئات التدريس، باستثناء بعض المدارس الثانوية ذات التخصصات التكنولوجية التي توفر الحيز الافتراضي التعليمي لطلابها، وتدأب على دمج كوادرها من معلمات ومعلمين في التعليم التكنولوجي.
انعكاس التعليم الالكتروني على الاسرة :


لا يستطيع أحد أن ينكر أن الدور الأساسي والرئيسي في تربية الأبناء، والاهتمام بهم في المنزل، والاهتمام بتنشئتهم العلمية ، و على تحصيل اطفالهما في المدرسة وعلى مستقبلهم الدراسي ويبدأ هذا التأثير مبكرا ويستمر معهم طيلة التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي، والعالي كذلك.


تقع مسؤولية الأسرة مع المدرسة في عملية التنشئة العلمية للطفل؛ حيث تقوم الأسرة مع المجتمع بوضعه على الطريق الصحيح؛ لكي يتخذ القرارات الصائبة التي تتعلق بحياته، ومن الممكن أن ينجح من خلالها، أو أن يُخسف به الأرض، وبالتالي فدور الأسرة في تنشئة الطفل علميًّا يتوازى مع دور المدرسة في ذلك الوقت، بل يكون دور الأسرة أهم وأعظم في ذلك الوقت
لكن يقع على المرأة أولاً؛ لأنها تعتبر العمود الفقري للأسرة في المنزل، وإن قصَّرت فيه فسوف يعود بالسلب على التحصيل المدرسي لأبنائها ، وتدني مستواهم التعليمي، وبالتالي لا بد أن تهتم بوظيفتها الأساسية التي لا يمكن أن تتنصل من مسؤوليتها في هذا الصدد،

 


ولا ننس انعكاس تأثير التعليم الإلكتروني على المنزل والأسرة وهل أسهم في تسهيل عملية المتابعة المنزلية ومساعدة الطالب في الاستذكار وحل الواجبات المنزلية وإجراء البحوث، وهل وفر الوقت والجهد المستنفذ في ذلك أم أدى إلى تخصيص المزيد من الوقت والجهد، وهل هذا المزيد يقابله مردود مرضي للأسرة تهون أمامه المهمات الجديدة وتسهل أمهامه المصاعب، وفي كلا الحالتين يجب دراسة ما هي الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج وكيف يمكن استغلالها للتطوير والتحسين.

 


ولابد من التوقف امام  المشاكل العديدة التي تعاني منها معظم الاسر عندنا في لبنان مثل : الكهرباء والانترنت  التي تسطو على اغلبية البيوت وعدم جهوزية الطلاب بالأجهزة المنفردة والخاصة لاستخدامها في المتابعة الالكترونية بسبب وجود اكثر من طالب في البيت يستخدمون جهاز واحد ، اضافة الى العدد الغير مناسب للمتابعة والدراسة الالكترونية في البيوت.

 


وذلك هناك معاناة فعلية تعني منها الاسرة في عملية التعليم ومتابعة الدروس المرتبطة بالطرق المختلفة للتدريس والجلوس الدائم امام المنصات لمتابعة الدروس وبشكل خاص الامهات اللواتي تحولن  الى معلمات يستخدمن هذه المنصات ليشكلن صلت وصل بين المدرسين والابناء امام بخصوص طلاب الجامعات هناك العديد من المشاكل التي باتت تشكل عواق مع جامعاتهم ومعلميهم وذلك بسبب:

 


عدم الخبرة في عملية التعليم من قبل المدرسين بواسطة المنصات الإلكترونية، حيث بات مطلوب تدريس المادة 60 دقيقة وتسجيلها بواسطة التطبيق المستخدم ، تزويد الطلاب بالكتب او بالمحاضرات مسبقا لكي يتم الاطلاع عليها مسبقا ، اضافة الى تزويدهم بيسلايد   Slides او باوربوينت PowerPoint  يختصر المادة  ويتم وضعه على الشاشة كي لا يبتعد الطلاب عن روحية المحاضرة والعمل في جهورها بعيدة عن الملل و تحفيزه من خلال ايجاد مساحة للنقاش بالمدادة وفتح باب الاسئلة ، العمل على اختصار اوقات المحاضرات اضافة الى تقليل الاعمال التطبيقية والبحثية. وربما هذه المشاكل تعيق عملية متابعة التدريس الالكتروني، وتعكس ازمة سلبية في التدريس .

 


سلبيات التعليم الالكتروني


1-ضعف التعامل المباشر بين المعلمين والمتعلمين والتركيز بالدرجة الأولى على الجانب المعرفي.

 


2-فقدان الحوار، مما قد يؤثر على ذكاء الطالب المنطقي، فمن خلال الحوار، والتعامل المباشر يتعلم الطالب أدب النقاش، والإستماع، وكيفية طرح الأسئلة واحترام الطرف الآخر وانتقاء الألفاظ والمصطلحات، وهذا ما لا يتوافر مع التعليم الإلكتروني.

 


 3-يواجه بعض المتعلمين من خلال التعليم الإلكتروني صعوبة في التعبير عن آرائهم وأفكارهم كتابيًا، حيث إن العديد من المتعلمين يفضلون التعبير عن أفكارهم شفوياً وهي الطريقة التي اعتادوها سنوات طويلة من خلال دراستهم الأكاديمية ، بينما يحتاج مستخدمو التعليم الإلكتروني إلى التمكن من المهارات الكتابية للتعبير عن أفكارهم وآرائهم المختلفة.

 

 


4-الميل إلى العزلة وتراجع التواصل مع الآخرين: فقد خرجت دراسات علمية بأن الأجهزة الإلكترونية مثل التلفزيون، والحاسوب ، وألعاب الفيديو تؤدي إلى الميل إلى العزلة ، وتراجع التواصل مع الآخرين ونادت بضرورة تفادي هذه الآثار السلبية.

 


5-قد يؤدي استخدام التعليم الإلكتروني إلى ضعف الدافعية نحو التعلم، والشعور بالملل نتيجة الجلوس أمام أجهزة الكمبيوتر وشبكات الإنترنت والتعامل معها لفترة طويلة من الزمن، وخاصة إذا كانت المادة العلمية المعروضة خالية من المؤثرات السمعية والبصرية التي تجذب المتعلم نحو التعلم.

 


6-إنه يقدم المعلومات للتلاميذ بطرقة مجزأة بحيث لا يستطيع التلميذ أن يكون فهما متكاملا للمادة التعليمية .

 


  7-يحد التعليم المبرمج من قدرة المتعلم على الإبداع و الابتكار لأنه يقيده باستجابة معينة وهي الاستجابة الصحيحة الموجودة في البرنامج و التي عليه أن يتعلمها.

 


8-لا يصلح التعليم المبرمج لتعليم جميع أهداف تدريس العلوم، فتنمية مهارات البحث العلمي، وتنمية الاتجاهات العلمية، وتنمية القدرة على تذوق جهود العلماء من الصعب تحقيقها عن طريق التعليم المبرمج.

 


هذه السلبيات بشكل عام لكن في شكل خاص عند ممارسة هذا الشكل من التدريس فأننا نصطدم بكثير من المعوقات التي تقف امامنا في التدريس  من خلال النقاط التالية :

 


عدم معرفة الطلاب بهذا الشكل من التدريس .

 


عدم تدريب على هذا النوع من الدرس.

 


المواد هي غير معدة بالأساس لهذا النوع من التدريس .

 


فإن الحاجة الى التعليم الالكتروني تلزمنا الانتقال بمسيرة التربية والتعليم وأساليب التدريس في المدارس بمختلف المراحل التعليمية إلى المنظومات المحوسبة، مع تعزيز مكانة المعلم ودوره وتأهيله وإكسابه المهارات".
فإن نجاح التعلم عن بعد، مرهون بمدى جدية أولياء الأمور في التعامل مع هذه الحالة الطارئة، والسعي لإنجاحها، من خلال الحرص على تنفيذ كافة التعليمات، وغرس قيمة التعلم في نفوس المتعلمين، وضرورة توعيتهم بأهمية الالتزام بالدراسة، وأن التعلم عن بعد ليس إجازة مفتوحة لهم، بل إجراء استدعته الحاجة الصحية، ووفق إجراءات اتخذتها الدولة لحماية أبنائها من خطر الإصابة بفيروس كورونا.

 


 ولنجاح منظومة التعليم عن بعد مستقبلا، لا بد من وضع خطط وبرامج عمل تؤسس لتأهيل كوادر المعلمين وإشراك الأهالي في المسيرة التعليمية التكنولوجية، وبالتوازي مع ذلك على وزارة التربية والتعليم حوسبة المدارس وتوفير كافة التقنيات، فالحديث يدور عن جيل المستقبل الذي يرتكز في حياته على تقنيات التكنولوجيا في ظل عصر العمولة".

 


في المقابل، ترى بعض الجهات التربوية ، بان نجاح التعلم عن بعد، مرهون بمدى جدية أولياء الأمور في التعامل مع هذه الحالة الطارئة، والسعي لإنجاحها، من خلال الحرص على تنفيذ كافة التعليمات، وغرس قيمة التعلم في نفوس المتعلمين، وضرورة توعيتهم بأهمية الالتزام بالدراسة، وأن التعلم عن بعد ليس إجازة مفتوحة لهم، بل إجراء استدعته الحاجة الصحية، ووفق إجراءات اتخذتها الدولة لحماية أبنائها من خطر الإصابة بفيروس كورونا.
 أن التعليم المستقبلي سوف يكون الطالب فيه أكثر مشاركة في تشكيل مناهجهم الدراسية، وعملية التعليم والتعلم، وسيرسمون مستقبل تعليم يتماشى مع توجهاتهم التكنولوجية وعصر الرقمنة.
د.خالد ممدوح العزي
مداخلة بحث لمؤتمر في الجزائر عقد في 16 ايار 2020