مطلب أصحاب المولّدات هو رفع الشطر الثابت من التسعيرة من ١٥ ألفاً إلى ٣٠ ألفاً، للمشتركين بـ 5 أمبير.
 

كتبت صحيفة "الأخبار" تحت عنوان "أصحاب المولدات: تعديل التعرفة أو "الإضراب"!": "حتى المولدات الخاصة يشكو أصحابها الأزمة النقدية والاقتصادية. هؤلاء وصل الأمر ببعضهم إلى إطفاء مولداته، في ظل زعمهم عدم القدرة على تأمين المازوت. أكثر من 10 مولدات في مناطق كسروان والمتن أطفئت. ترافقت هذه الخطوة مع التقنين القاسي المعتمد من قبل كهرباء لبنان ومع موجة الحر التي تضرب لبنان. أما النتيجة، فمأساة أخرى يعيشها اللبنانيون، وخاصة أن تجمّع أصحاب المولدات يحذّر من موجة إقفال كبيرة قد يشهدها الشهر المقبل نتيجة الخسائر المتلاحقة.

 


يتحدث رئيس التجمّع عبدو سعادة عن انقطاع مادة المازوت من السوق، والاضطرار إلى شراء حاجة المولّدات من السوق السوداء. السعر المعلن في جدول أسعار المحروقات الصادر عن وزارة الطاقة هو 8700 ليرة، لكن السعر في السوق السوداء يرتفع إلى 13000. عملياً، لا أحد يملك الإجابة الشافية لسبب انقطاع المازوت. لكن ما يتردد أمران: التهريب إلى سوريا وتخزين التجار لهذه المادة.

 


سبق أن سُمح لأصحاب المولدات بالشراء مباشرة من منشآت النفط، وبالسعر الرسمي، لكن تبيّن أيضاً أن ثمة من استفاد، ولا يزال، من هذه الفرصة لشراء كميات أكبر بكثير من حاجته، لبيعها في السوق السوداء، فيما أغلب أصحاب المولدات كانوا يعانون من نقص حاد بالمحروقات. سعادة يؤكد أن التجمع لم يكن جزءاً من هذه العملية، لأنها كانت تفتقر إلى الآليات الواضحة. ليس صعباً اليوم التأكد من أسماء من تربّح على حساب المال العام.

 


بحسب المعلومات، تواصل سعادة مع وزير الطاقة ريمون غجر أمس، شاكياً عدم توفر الفيول بالسعر الرسمي، واضطرار أصحاب المولدات إلى شراء حاجتهم من السوق السوداء لتأمين استمرارية تشغيل المولدات. استغرب غجر الأمر، واعداً بالتحقق من الأسباب.

 


بالنسبة إلى أصحاب المولدات، شراء الوقود من السوق السوداء، إن توفّر، يعني تكبدهم خسائر تصل إلى 40 في المئة. فالتسعيرة التي حددتها وزارة الطاقة بـ 293 ليرة للكيلو واط مبنية أساساً على السعر الرسمي للمازوت، أي 8700 ليرة للصفيحة، ما يعني تحمّل أصحاب المولدات لفارق السعر. وتلك خسائر تضاف إلى الخسائر المحققة من جراء تغير سعر صرف الليرة، والتي لم تلحظ في التسعيرة المحددة من قبل وزارة الطاقة، يقول سعادة.

 


من جهته، يؤكد نقيب الموزعين فادي أبو شقرا أن الوضع ليس بهذا السوء، مشيراً إلى أن المنشآت تستمر بتسليم المازوت لمن يريد من أصحاب المولدات، لكن المشكلة أن الطلب أكبر من العرض. حاجة السوق تقارب الـ 10 ملايين ليتر يومياً، في العادة، لكن نتيجة انخفاض مستوى التغذية في معامل الدولة، ازداد تشغيل المولدات، وازدادت بالتالي حاجتها إلى المحروقات. كما ترافق ذلك، مع انخفاض في الواردات من هذه المادة الحيوية، بسبب تأخر مصرف لبنان في فتح الاعتمادات.

 


ينفي أبو شقرا نفياً قاطعاً ما ردده بعض أصحاب المولدات عن إلزامهم من قبل شركات النفط بدفع 40 في المئة من ثمن البضاعة بالدولار، مؤكداً أن الآلية لم تتغير، إذ لا يزال المطلوب دفع 15 في المئة بالدولار فقط، على أن يتكفل مصرف لبنان بالنسبة الباقية. بالنتيجة، يؤكد أبو شقرا أن مشكلة ندرة المازوت شارفت على الانتهاء، لأسباب ثلاثة هي: زيادة ساعات التغذية من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، معالجة مسألة التهريب إلى سوريا، وعودة التوزيع إلى طبيعته، بعدما انخفض بشكل ملحوظ خلال أيام الإغلاق التي فرضتها الحكومة، وأدت إلى توقف بعض الشركات عن التسليم.

 


لكن انتهاء أزمة المازوت ينهي مشكلة أصحاب المولدات؟ هؤلاء لم يتوقفوا عن الاعتراض منذ أن فرضت وزارة الاقتصاد عليهم تركيب العدادات. فتلك الخطوة، أنهت عملياً سنوات طويلة من الأرباح الطائلة التي كانت تتحقق من جراء بيع الطاقة للناس مع فرض هوامش ربح خيالية.

 


بعد تركيب العدادات، انحصر الاعتراض بهوامش الربح التي حددتها وزارة الطاقة، والتي لم تكن تنصفهم على ما يدّعون. لكن اليوم تغيّر الأمر. هؤلاء يجزمون أن ما يتحقق حالياً هو الخسائر فقط. «لم يعد النقاش في كيفية زيادة الأرباح بل في كيفية إطفاء الخسائر»، ولذلك يؤكد أحد أصحاب المولدات أن إطفاءها هو الخيار الأقل كلفة حالياً. فإذا كانت التسعيرة تتغير تبعاً لتغيّر سعر الفيول، فإن المصاريف الأخرى، وأبرزها قطع الغيار والزيوت والكابلات وحتى الإيجارات ورواتب العمال الأجانب، صارت أكثر تأثيراً، لأنها تُدفع بالدولار، علماً بأن تسعيرة وزارة الطاقة لا تزال تتعامل مع المصاريف على أساس السعر الرسمي للدولار.

 


يركز أصحاب المولدات على ضرورة تعديل الشطر المتعلق بالتكاليف الثابتة (الإيجارات والرواتب…) التي سبق أن حُدّد بدلها بـ 15 ألف ليرة عن كل 5 أمبير. تلك كانت تساوي 10 دولارات، لكن الأمر تغيّر اليوم. هذا المبلغ انخفض عملياً إلى 4 دولارات. والفارق هنا هو الذي يطالب المعنيون الوزارة بتعويضه، عبر تعديل آلية التسعير. وزير الطاقة وعد بدراسة إمكانية ربط التسعيرة بسعر الصرف، مشيراً إلى أنه سيسعى إلى التوفيق بين مطالب أصحاب المولدات وبين مصلحة المشتركين.

 


مطلب أصحاب المولّدات هو رفع الشطر الثابت من التسعيرة من ١٥ ألفاً إلى ٣٠ ألفاً، للمشتركين بـ 5 أمبير، إلا أن ذلك يعني عملياً احتمال زيادة عدد المتخلّفين عن الدفع. أحد أصحاب المولدات يجزم بأن نسبة هؤلاء تزيد لديه على 50 في المئة. وهو إذ يطالب بزيادة التعرفة، إلا أنه يتخوّف في المقابل من ازدياد عدد المتخلّفين عن الدفع، ما سيؤدي في النهاية إلى اضطراره إلى إطفاء مولّده لتجنّب الخسارة.
كل شيء يهون، بالنسبة إلى أصحاب المولّدات، بالمقارنة مع الخوف الحقيقي المتمثّل باحتمال حدوث أعطال. أسعار قطع الغيار كفيلة فعلياً بإطفاء مولدات. وهذا ما يحذّر منه سعادة، مشيراً إلى أنه إذا لم تعمد وزارة الطاقة إلى تعديل التسعيرة في نهاية الشهر الحالي، فلن يكون بإمكاننا الاستمرار".