لا خطط لـ«إيواء» الوافدين إلى لبنان حتى الآن. ورغم النقاشات التي طرحت أخيراً لتجنّب سيناريو انتقال العدوى من العائدين، تبيّن أن آليّة إلزام هؤلاء (قد يصل عددهم إلى 19 ألفاً) بالحجر الصحي لم تتّضح بعد، وأنّها قد تتبلور خلال الأيام المُقبلة. في هذا الوقت، تتعزّز المخاوف من زيادة الإصابات، فيما يطرح خيار تمديد الإقفال لما بعد الإثنين.
 

أكثر من ألف وافد وصلوا، أمس، إلى مطار رفيق الحريري الدولي ضمن الدفعة الأولى من المرحلة الثالثة لإجلاء المغتربين. هؤلاء، وفق تأكيدات وزارة الصحة العامة، خضعوا لفحوصات الـ pcr المخصصة للكشف عن فيروس كورونا وجاءت نتائجها سلبية قبل صعودهم الطائرات. وعليه، توجّهوا إلى منازلهم مع التعهّد بالالتزام بالحجر المنزلي.

 


معنى أوضح، تُرك وافدو أمس لـ«ضميرهم» في ظلّ «ضياع» السلطات المعنية حتى الآن وعجزها عن الإعلان عن آلية واضحة ومحددة لتشديد تطبيق إجراءات الحجر. مصادر وزارة الصحة أشارت الى أن «الأيام المقبلة كفيلة بتحديد الآلية التي سيتم على أساسها إدارة عملية الحجر»، فيما نفى رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي أن تكون الصورة المرتبطة بمراكز العزل في المناطق قد اتضحت بعد، علماً بأن نقاشاً تطرحه وزارة الصحة يرتبط بجدوى اعتماد مراكز حجر جماعية، «ذلك أن تجارب عدة أثبتت تحول مراكز الحجر الجماعي الى مراكز نقل عدوى، وبالتالي علينا الحذر قبل اتخاذ أي قرار في هذا الشأن».

 


وإلى حين وضوح الصورة، سيستقبل لبنان آلاف الوافدين في الأيام القليلة المُقبلة، من ضمنهم قادمون من بلدان لا تتوافر فيها فحوصات pcr. وهؤلاء، وفق مصادر «الصحة»، سيخضعون لسيناريوات المراحل السابقة، لجهة إبقائهم في الفنادق وإجراء فحوصات لهم عند نقطة المطار ثم «تسريحهم» إلى منازلهم مع التعهّد بالعزل المنزلي. وهذا يعني، عملياً ، الإبقاء على «الآلية» السابقة، وبالتالي عدم السعي الى تجنّب سيناريو «تمرّد» بعض الوافدين وتسببهم بنقل عدوى مجتمعية. أمّا خطورة الإبقاء على هذا الواقع، فتكمن بأنه يأتي في ظل معلومات تُشير إلى ارتفاع أعداد المغتربين الوافدين من 11 ألفاً و300 مغترب (على ما صرّح أخيراً رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت) إلى 19 ألفاً. كذلك في ظلّ تخوف فعلي من تزايد الحالات في الأيام المُقبلة.

 


وكانت وزارة الصحة قد أعلنت ظهر أمس، أنه من أصل 1691 فحصاً، تمّ تسجيل 8 إصابات، ستّ منها تعود لمُقيمين خالطوا بعض الوافدين الذين لم يلتزموا الحجر وإصابتان لوافدَين تم تشخيصهما بعد مرور أيام على وصولهما الى لبنان. ومساءً، أعلن مُستشفى رفيق الحريري الحكومي أنه من بين 408 فحوصات، سجلت إصابتان جديدتان. وبذلك، تكون حصيلة العداد أمس عشر إصابات، ليقفل ليلاً على 888 حالة.

 


وصول الوافدين إلى لبنان تزامن مع بدء تطبيق مرحلة الإقفال التي أعلنت عنها الحكومة والتي يتوقع أن يتم تمديدها إلى ما بعد الإثنين المقبل، وهو أمر متوقف على التقرير الذي سيرفعه وزير الصحة حمد حسن، الأحد المُقبل، والمُتعلّق بمعطيات الواقع الوبائي المُستجدّ، «حيث سيُبنى على الشيء مُقتضاه» وفق حمد، مشيراً الى أن الوزارة ستجري المزيد من الفحوصات لتحديد حجم الخطر، ولافتاً إلى أن إهمال البعض هو السبب في عودة انتشار الفيروس، «وينبغي عدم السماح بتضييع الإنجاز الذي تحقق في مكافحة الوباء». فيما لفت رئيس الحكومة حسان دياب خلال جلسة مجلس الوزراء، أمس، إلى أنه في حال ارتفاع عدد الإصابات «سيتم تمديد الإقفال فترة إضافية».

 


وكانت فرق الطواقم الطبية التابعة لوزارة الصحة قد انتشرت، أمس، في مختلف المناطق «في إطار حملة واسعة لفحص المخالطين والمُشتبه في إصابتهم بكورونا». وفي إطار رفع الجاهزية، يرأس حمد اجتماعاً للمجلس الصحي الأعلى في مبنى الوزارة عند العاشرة صباح اليوم.

 


في هذا الوقت، فإنّ المسؤوليات المُقبلة ستُلقى حكماً على البلديات والسلطات المحلية التي ستجد نفسها مُضطرة إلى اتخاذ قرارات. ولعلّ ما حصل في بلدة شحيم أمس يُعدّ نموذجاً لـ«تطوع» البلديات للإمساك بزمام الأمور. ذلك أن البلدية سعت بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي، أمس، إلى اتخاذ إجراءات وتدابير احترازية في إطار عزل البلدة بعد ظهور إصابات بين عدد من أبنائها، على ما نقلت «الوكالة الوطنية للإعلام»، مُشيرةً إلى أن عناصر من فصيلة شحيم أقاموا حواجز على مداخل البلدة ومنعوا التجول، فيما سيّرت دوريات في بلدات الإقليم للتأكد من تطبيق إجراءات التعبئة العامة.

 

 

ورغم أن الإصابات في شحيم بلغت حتى أمس ثلاثاً فقط وفي برجا إصابتين (مصدر الحالات إصابة عسكريَّين: الأول من بلدة شحيم والثاني من بلدة برجا)، «إلا أن إعلان حالة الطوارئ جاء بعدما تبين العدد الكبير للمخالطين والذي قُدّر بالعشرات»، وفق ما أكد النائب بلال عبد الله لـ«الأخبار»، مُشيراً إلى أن بلدية شحيم تواصلت مع فرق من مُستشفى رفيق الحريري التي ستتوجه اليوم إلى المنطقة لإجراء فحوصات مخبرية. وهو إجراء قد يُعمم في الأيام المقبلة على بقية المناطق.

 


وحتى الآن، بحسب تقرير «غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث»، فإنّ قضاء المتن لا يزال يتصدر الإصابات (156)، تليه بيروت (133)، فكسروان (89)، ثم بعبدا (76) وبشري (73). أما المناطق التي تُسجل النسب الأقل من الإصابات فهي: الهرمل (1)، راشيا (2)، مرجعيون (3) وبنت جبيل (4)، علماً بأن البقاع الغربي وحاصبيا لا تزالان المنطقتين الوحيدتين الصامدتين حتى الآن أمام تسلل الفيروس.

 


تجدر الإشارة إلى أن الإصابات الثماني الجديدة التي أعلنت عنها الوزارة أمس توزعت على الشكل الآتي: رشعين/ زغرتا (1)، الهري/ البترون (1)، شحيم/ الشوف (2)، مجدل عنجر/ زحلة (2)، برجا/ الشوف (1)، المينا/ طرابلس (1).