أقرت الخطة الاصلاحية على وقع إيقاع تهريبي فادح في المجالات كافة. عن أي إصلاح يتحدثون والتشكيلات القضائية تم تهريبها إلى درج الوزيرة للحجر؟ عن أي مكافحة فساد يتحدثون والدولة سائبة عن بكرة أبيها؟ عن أي سيادة يتحدثون والحدود مستباحة للتهريب المشرع وغير الشرعي  منه؟ هل ستستطيع هكذا دولة الصمود أمام هول دويلة تهربها من وجوديـها؟ كيف ستطبق الحكومة خطتها الاصلاحية في ظل إنكارها لوجود المعابر غير الشرعية؟

من البديهي أن تتقدم أي سلطة سياسية تحكم بمشروع إصلاحي، لكن العبرة تكمن في  التنفيذ. ولتحقيق هذه الغاية عليها الاعتراف بمكامن الخلل. من المؤكد أن كل خرق يرتكبه العدو الاسرائيلي هو تعد سافر على السيادة الوطنية. لذلك، نستنكره أشد الاستنكار، ونسعى لتقوية وجودية الدولة لتحمي السيادة الوطنية متى تم التعدي عليها من قبل هذا العدو.


 
لكن المفارقة الصارخة هنا أن التعدي السافر على وجودية الدولة من قبل أهل البيت أنفسهم، ومِن قبل  مَن مِن المفترض أن  يكونوا بموقع الشقيق، إنما لهو أشد ظلمًا وضراوة على اللبنانيين جميعهم. أن يمتلك حزب الله سلاحًا غير شرعيا، رديفًا لسلاح الدولة، ويستعمله، كما أثبتت التجارب التاريخية معه في صراعه مع أمل في  العام 1986 وفي أحداث بيروت 2008، ألا يعتبر تعديًا على السيادة؟ ولا يقومن أي مدافع عن السلاح اليوم قيامته متذرعًا بأنه يرتبط بالمقاومة التي سقطت على مداخل بيروت والجبل في  اختبار السابع من أيار 2008.


 
أما استباحة الحدود الشمالية والشرقية خدمة للنظام السوري الساقط أبريوريا فهنا الطامة الكبرى. والمثير للسخرية في  هذه المسألة، استغباء حزب الله لمن قرروا رهن أنفسهم للمشروع الأيديولوجي التوسعي حيث يحاول ضرب القواعد الرقمية العددية البديهية، فيقدم الرقم اثنين على الرقم واحد. وهذه من البديهيات، لا بل من المسلمات التي يدرسها أطفالنا في بداية عمرهم المدرسي في علم الرياضيات. فتصبح بمفهوم الحزب سوريا الرقم واحد، بينما لبنان في المرتبة الثانية.


 
لا وألف لا يا سادة. إنكم ودويلتكم هذه تهربون الدولة اللبنانية بأكملها عبر معابركم غير الشرعية إلى ما تبقى  من دولة سورية. خدمة لنظام إرهابي قتل شعبه وناسه. فلا يعتبن أحد على أحد متى طالب، في حال قصور تطبيق فرض السيادة على الحدود من قبل القوى الأمنية والعسكرية اللبنانية، بقوة السلاح غير الشرعي  ووهجه الذي تمتلكه دويلة حزب الله، بتطبيق فرض السيادة من قبل قوات الأمن الدولية، أي بتوسيع صلاحيات اليونيفيل لتشمل الحدود اللبنانية كلها. لأن ما يحصل اليوم هو هرتقطة وجودية على الدولة من قبل حزب الله.


 
ولا يعتبن أحد علينا بفتحنا أي ملف سيادي كملف الحدود السائبة والمعابر غير الشرعية. لن تستقيم دولة يخرج من إقتصادها المليارات إلى دولة على حدودها وهي بالأساس مفلسة ومديونة. ولن تستطيع أن تصمد لا اقتصاديا ولا سياديا أمام هذه الجائحة التي لا تقل خطورة عن جائحة كورونا. لكن الفارق بين هاتين الجائحتين أننا نعرف دواء جائحة المعابر غير الشرعية.

 

 

المطلوب اليوم قبل غد، تثبيت استقرار الدولة الامني أولا، والاقتصادي ثانيا، والقضائي ثالثًا. يجب تحرير التشكيلات القضائية من حجرها، ليتم متابعة ملف محاكمة المهربين الذين يشرف على مصالحهم حزب الله بشكل مباشر، ليتم بعدها إقفال المعابر غير الشرعية المعروفة كلها، ويتم احترام الأصول الجمركية بين حدود البلدين. وإلا لن تقوم دولة تهربها الدويلة بأكملها إلى سوريا، لا اقتصاديا ولا حتى أمنيا. فمن يضمن ألا يتم تهريب عكسي من سوريا إلى لبنان تحت إشراف الدويلة، لأي خطر أمني لضرب ما تبقى من وجودية الدولة؟

 

د. ميشال الشماعي