لا يعرف الجوع من هو متخم ولا يعلم البؤس من هو ممسك بسياسة البأس ولا يعرف معنى أن تصادر حياتك من معه مفاتيح الحياة .
 

كفرنا بكم سواء كنتم من جنس الملائكة أو من ماركة الشياطين وسواء كنتم عابدين زاهدين ومن الركّع السجود أو من الملاحدة عديمي الدين ومن السكرة والحشاشين ومن غير أمّة الشاي أو كنتم حياديين غير متطرفين للمؤمنيين أو للكافرين وسواء كنتم بلحية أو دون لحية ممتثلين لأحكام الفقيه أو لأحكام الحلاقين ولم نعد نحفل بكم أنتم أيها السارقون لأصواتنا وقوتنا وحاضرنا ومستقبلنا والسالبون لإرادة التغيير بعصا السلطة وغاب عنكم أنكم كنتم معارضة ونالت منكم عصا السلطة ووعدتم بجنة عدن وبماء من عين سلسبيل فتبيّن بعد حين أن زمزمكم أمرّ طعماً من العلقم ودفعتم بنا الى الترحم على من هم رميم ودعونا من يحي العظام وهي رميم أن يحي من ماتوا من جيل الإستقلال ومن تلاهم من رؤوساء المارونية السياسية بعد أن استفقنا من دغشة الغشاوة السياسية والحزبية والطائفية التي أرتنا الحقيقة كذبة دولة ظالمة وفاسدة وغابنة وأن الحرب ملاذ الطامحين الى الحلم ليتبيّن لنا وبعد حين أيضاً انها ملاذ الطامعين بالوصول الى السلطة فوصلوا وكانوا أفسد من الفاسدين الذين رجموهم بحجارة من سجيل .

 

 

نعم كفرنا بكم وبكل أوسمتكم وانتصاراتكم في حروبكم التي طحنت البلاد والعباد ومزقت لبنان مزقاً ومن ثم وصلته كقطع طائفية تنشد كل طائفة السيطرة على طائفة وكان جنونكم الشرس في أكثر المراحل سواداً على اللبنانيين مصدر انقسام حاد كي يرضى عنكم العرب وغير العرب ومن ثم أذبتم جليد الخلافات بعود كبريت وألفيتم بعضكم بعضاً و تقاسمتم مغانم الرباعي والخماسي والسداسي دون النظر الى ما خربتم من بيوت الناس .

اقرا ايضا : مواجهة كورونا بالفول والمعكرونا

 

حتى اختلفتم بعد حكاك جلدي وطفح معد وتنكرتم لبعضكم بعضاً وسكت لسان الميثاقية والوطنية والمشاركة الجماعية للطوائف كي لا يبقى عذر لمعذور وتصبح السلطة أسيرة الكتل النيابية البارزة وصاحبة الأكثرية التمثيلية الشعبية وبعد أن لمعت شمعة صغيرة وسط بيروت وأمست نوراً يمشي به اللبنانيون اجتمعتم على إطفائها وكنتم يداً واحدة وعصباً وتناسيتم خلافاتكم وباتت الثورة أولى وآخر أعدائكم فنلتم منها وطويتم منها سجلاً ولعبتم أدواركم المعهودة في اللعب تحت شمس السلطة وخلف ظل  المعارضة وارتضيتم جميعاً بحكومة لا روح فيها  وجاء فيروس كرونا لا ليكشف عجز حكومة بل ليكشف عن عجزكم وعن مدى خذلانكم لشعب بعتموه بعلب المعلبات ولم يبعكم يوماً لمشتر وليكشف عن مسخ السياسة والسياسيين في ظل أزمة اقتصادية لم يبادر أحد لتقديم خطة أو خطوة أو رؤية للخروج من نفق أزمة قاتلة وكل ما يجري حسابات على البيدر وتقاسم لبقايا الحنطة .

 

 

لا يعرف الجوع من هو متخم ولا يعلم البؤس من هو ممسك بسياسة البأس ولا يعرف معنى أن تصادر حياتك من معه مفاتيح الحياة . 

 

 

كنا نؤمن أن الثورة للثوار هكذا قرأنا في كتب التاريخ و هكذا كتب الكاتبون من أهل الثقافة الثورية فصدفنا ما كتبوا ولم نعاين تجارب الثورات التي خذلت شعوبها لهذا فاجأتنا التجربة وتبيّن لنا أن الثورة ليست للثوار بل لأصحاب التل فهم وحدهم من ينعم بموائد معاوية ولكن فاتتهم هذه المرة الصلاة خلف أمير المؤمنيين علي ابن أبي طالب عليه السلام .