حمد مُطالَب بمعالجة الآثار السلبية لتصرفات جبق

 


بدأت إخفاقات وزير الصحة السابق جميل جبق ونتائج قراراته غير المدروسة تظهر مفاعيلها اليوم وتنكشف الفضيحة تلو الأخرى في قضايا مهمة عدة، مما يدحض "البروباغندا" التي يحاول "حزب الله" إرساءها والقول إن وزراءه يشكلون نموذجاً يحتذى به.

 

 

أولى الكوارث هي فضائح التلاعب بفواتير وزارة الصحة في بعض المستشفيات وذلك يعود إلى خلل في التدقيق من قبل الأطباء المراقبين، الذين يفترض بهم أن يتأكدوا من وجود المريض وتطابق الإجراءات الطبية مع شروط وزارة الصحة، والتدقيق بدخول المرضى وفواتيرها. لكن هذا الدور كان منذ سنوات عدة مشبوهاً إذ انه عرف بالرشاوى والتواطؤ مع المستشفيات حتى تمّ استبداله في الأعوام 2016 و 2017 و 2018 بشركات مستقلة للتدقيق على غرار شركات التأمين. وكان وزير الصحة السابق ونائب رئيس الحكومة غسان حاصباني قد اجرى مناقصة في إدارة المناقصات للشركات المختصة ووسع نطاق عملها لتشمل المستشفيات الحكومية، إضافة الى المستشفيات الخاصة حيث توزع العمل على أربع شركات غطت كافة الأراضي اللبنانية.

 

 

والجدير ذكره أن عملية التدقيق بالفواتير التي تحصل في وزارة الصحة لا تجري على كل الفواتير، بل تشمل عينة صغيرة منها ومن ثم يقرر الوزير نسبة الحسم من المدفوعات بناء على هذه العينة غير الدقيقة. وهذه الطريقة غير العلمية تسبب إجحافاً كبيراً خاصة اذا لم يكن عمل التدقيق اليومي داخل المستشفيات دقيقاً.

 

 

ومن جهة ثانية، عندما تسلم الوزير جبق وزارة الصحة، قرر عدم التجديد لشركات التدقيق المستقلة واعتمد من جديد على الأطباء المراقبين والعينات القليلة التي يتم التدقيق بها من قبل فريق صغير في وزارة الصحة. وما يكتشفه وزير الصحة حسن حمد يؤكد اليوم هذا الخطأ، فمنذ أسابيع تمت احالة احد الأطباء المراقبين إلى القضاء وإيقاف العقد مع احد المستشفيات وتم اكتشاف فواتير وهمية من ضمن العينة المدققة في الوزارة. وهنا يطرح السؤال: هل هذه هي المخالفات الوحيدة التي تحصل، وهل انتظار الصدفة لاكتشافها هو الحل؟ وبالتالي فإن هذا الخلل لا يصحح بالعراضات الإعلامية ولا باكتشاف بضع حالات من هنا وهناك، بل بإعادة النظر بكام الإجراءات وإخراج وزارة الصحة من ذهنية العصر الحجري.

 

 

اما بالنسبة لأسعار الأدوية، فعاش جبق على أمجاد قرار اتخذه حاصباني في العام 2018 أدى الى انخفاض اسعار الأدوية بمعدل 38% خلال العام 2019، ما أدى الى انخفاض في الفاتورة الدوائية يوازي 300 مليون دولار سنوياً على المواطنين، وانخفاضاً في اسعار الادوية التي تشتريها الوزارة وتوزعها مجاناً على مرضى الأمراض المزمنة والمستعصية. لكن جبق اتخذ سلسلة من القرارات تلتها قرارات من حمد أدت اليوم الى زيادة أسعار عدد كبير من الأدوية. وكان النائب حسن فضل الله قد أعلن في مؤتمر صحافي ان "حزب الله" أعد دراسة عن تسعير الأدوية وطبقها الوزيران جبق وحمد لخفض الأسعار، لكن النتيجة كانت زيادة سعر 3266 دواء وانخفاض 595 فقط في شهر نيسان الفائت. كما تم استعجال تسجيل عدد من الأدوية الإيرانية خلافاً للأصول ومن دون استكمال الفحوصات المخبرية المطلوبة بحجة ان كلفتها قليلة، لكن سرعان ما تبين أن الأسعار المنشورة من قبل وزارة الصحة أعلى ثمناً من الأدوية الأوروبية.

 

 

أما في ما يتعلق بالتغطية الصحية الشاملة، فتوقفت متابعة اقتراح القانون الذي وافقت عليه لجان الصحة والادارة والعدل والمال والموازنة وما بقي الا التصويت عليه في الهيئة العامة. وكان تمويل بنيته التحتية سيأتي من قرض البنك الدولي، الذي أوقفه جبق معتقداً ان البنى التحتية للمعلوماتية في الوزارة تكفي، وهذا غير صحيح، رافضاً بند الرقابة على المصروفات.

 

 

سلامة الغذاء

 

 

من جهة ثانية هناك تساؤل عما حل في الرقابة على سلامة الغذاء التي عرفت في زمن الوزير وائل أبو فاعور، وتوسعت مع حاصباني لتصل إلى أكثر من 40 ألف كشف في سنة واحدة.

 

 

ومع ضغط "كورونا" والإخفاقات الإدارية المتراكمة يطرح السؤال: هل نحن أمام انهيار في قطاع الصحة بعد ان كان يعود تدريجياً الى التعافي في العام 2018؟ هل سيتمكن الوزير حسن من إصلاح ما أبطله الوزير جبق أم انه سيكتفي بالإنجازات الإعلامية مع ضبط حفنة من المخالفات والتي أصلاً، تسببت في وجودها قرارات سلفه جبق. وهل نحن أمام العودة الى ارتفاع أسعار الدواء بالرغم من ان كلفته مدعومة 85% بالدولار من مصرف لبنان، وانهيار في المنظومة الاستشفائية؟ وهنا تتوجه الدعوة إلى حسن ليتخذ الإجراءات السليمة بعيداً من آراء بعض الموظفين المستفيدين وإرشادات "الحزب" المرشد الذي ادخل سلفه بأخطاء مدمرة للقطاع الصحي.


ألان سركيس 

نداء الوطن