هل انّ هذه الصورة الرديئة عشية المفاوضات مع صندوق النقد، تقوّي موقف لبنان وتحصّن المفاوض اللبناني، وهل نجرؤ من خلال هذه الصورة، ان نؤكّد لصندوق النقد وللمجتمع الدولي بأنّ في لبنان دولة قانون ومؤسسات؟
 

ينهمك اللبنانيون بأزماتهم الإقتصادية والمعيشية، ولا يهتمون للعناوين السياسية الغائبة داخلياً، والحاضرة ضمناً إقليمياً ودولياً. 

 


وفي هذا السياق تؤكد مصادر سياسية أنّ لبنان مقبل من الان حتى اواخر العام الجاري على أجواء و تموضعات سياسيّة جديدة من شأنها أن تَقلب الوضع اللبناني رأساً على عقب فمن هم ضمن الخط أو الحلف الواحد قد نراهم أخصاماً في فترات لاحقة والعكس صحيح. وترى أنّ هذا الوضع المقبل هو نتيجة تبدلات إقليمية سوف تشهدها المنطقة بعد فترة وجيزة على إنتهاء فيروس كورونا وهناك لقاءات ومشاورات دولية وإقليمية بدأت تحصل في الخفاء خصوصاً في مصر التي تشهد الكثير من هذه الحوارات. ويمكن الاشارة الى تلك الاجواء على الشكل التالي.

 

 

المشهد السوري : حملت التطورات الأخيرة، والرسائل القوية التي وجّهتها موسكو إلى نظام الرئيس بشار الأسد ملامحَ تبدّل في المواقف التي حافظت عليها موسكو طويلاً، وإشارات إلى أن صبر الكرملين بدأ ينفد حيال تصرفات الأسد، الذي وصفه تقرير روسي بأنه غداً عبئاً على روسيا.

 

 

 الاتفاق على الإطاحة بالرئيس السوري بدأ تداوله منذ فترة، وعززته حملة قوية في الصحف الروسية وجهت انتقادات قاسية للنظام السوري، ووصفته بأنه ضعيف وفاقد للشعبية، ولم يعد قادراً على إصلاح الوضع، فضلاً عن نشر تقارير واستطلاع للرأي أجرته وكالة روسية، دلّ على تصاعد حالة التذمر في سوريا، وتدهور شعبية الأسد إلى مستويات غير مسبوقة.

 


 
المشهد العراقي :  استطاع مصطفى الكاظمي تشكيل حكومة عراقية خلفا لحكومة عادل عبدالمهدي الذي استقال في أواخر تشرين الثاني ، هنا لا بدّ من الإشارة أن مدة ما يقارب ستّة أشهر مرّت بين استقالة عبدالمهدي، على ضوء الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت مدنا عدّة بينها بغداد والبصرة والنجف والناصرية، وتشكيل حكومة الكاظمي التي يمكن أن تمهّد لانقلاب كبير. يوحي بذلك إعادة الاعتبار إلى الفريق عبدالوهاب الساعدي وترقيته إلى رئيس جهاز مكافحة الإرهاب، بما يشير إلى رغبة واضحة في التخلّص من النفوذ الإيراني في العراق.

 

اقرا ايضا : المواطن بين مطرقة تصفية الحسابات وسندان الاقتصاد المنهار !

 

 هذا ليس حدثا عابرا، بمقدار ما أنّه يعكس توجها إلى تقديم مصلحة العراق على كلّ مصلحة أخرى.

 


المشهد اللبناني : عَملًا بمقولة اجت الحزينة لتفرح ما لقت الها مطرح، هكذا حطت خطة الحكومة الإصلاحية فلا إقرار الرئيس ميشال عون بتاريخية الإعلان عن خطة الانقاذ المالي والاقتصادي، ولا فرحة الرئيس حسان دياب بما أنجزت حكومته وصلت لقرعته ، مع موجة ردود الفعل السياسية والاقتصادية والمالية التي طالت الأُسُس التي قامت عليها الخطة. من كلِّ حدبٍ وصوب، إستُهدِفت، من أولئك الذين اختاروا المعارضة،كما من بيت أبيها ضُرِبت، مع تعرُّضِها لنيران صديقة عن سابق تَصوّر وتصميم، ناهيك عن قبلة انظار الخارج من الشعب اللبناني الذي عاد يتحرك في الشارع، بعيدًا عن لغة الأرقام والأحجام، وفقًا لما يراه الغرب، وحتى الخارج نفسه سدَّد ضرباته المُوجعة، من الحليف الفرنسي الأكثر حماسةً للمساعدة ، الى الاميركي الذي حدَّد خطوطه الحمر ورسم مسار حربه التي لا عودة عنها ولا تهاون فيها، قبل ان تُحقق كامل اهدافها السياسية والاقتصادية والمالية، مُنتقلًا من صفوف الدفاع الى الهجوم المُباشر. 

 

 

سياسيًا، يبدو ان أبرز العِبَر عمَّا تحدث عنه مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط السفير ديفيد شينكر، التي تُلخص حركة بيروت الغير مبروكة بجملة واحدة، لا مساعدات بلا اصلاحات ملموسة، مهما كانت الكلمات والتعابير المستحوذة في الخطة اللبنانية تُدغدغ أدبيات صندوق النقد.

 


هذا بالاضافة الى دخول لبنان عملياً مدار الحكم المرتقب في جريمة اغتيال رفيق الحريري بالتوازي مع ذلك أتت الاجراءات الالمانية ضد حزب الله

 


ما يعانيه لبنان في كل قطاعاته، وفي محميات الفساد المترامية الاطراف، وفي ما يتكشف من فضائح مالية، وآخرها، وبالتأكيد ليس آخرها، فضيحة الفيول المغشوش، وسرقة الاموال والعمولات المستمرة. 

 

هنا يحضر السؤال: هل انّ هذه الصورة الرديئة عشية المفاوضات مع صندوق النقد، تقوّي موقف لبنان وتحصّن المفاوض اللبناني، وهل نجرؤ من خلال هذه الصورة، ان نؤكّد لصندوق النقد وللمجتمع الدولي بأنّ في لبنان دولة قانون ومؤسسات، الحقيقة أنَّ أخطر ملف على طاولة المفاوضات اليوم هو ملف الفشل اللبناني الواضح في مرحلة ما بعد الحرب الاهلية فشل في بناء مؤسسات دستورية صلبة تحفظ حقوق المواطن وهيبة الدولة معاً،وللتأكيد على أهمية هذه النقطة تبرز مسألة المسودة الإنقاذية للحكومة ستضعها أمام مساءلة دولية حول تغييب البند السيادي منها الذي سيكون محور إصرار من الصندوق لجهة وقف التهريب وإقفال المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا وصولاً إلى ترسيم الحدود لضبط حركة المرور في الاتجاهين، لذلك، فإن البند السيادي سيكون موضع إلحاح من المجتمع الدولي لأن إغفاله سيلحق الضرر بلبنان، إضافة إلى إطلاق إشارة إيجابية باتجاه الدول العربية القادرة على مساعدة لبنان.

 

 

 ليس خافياً هنا أن العواصم الكبرى تنتظر من الدولة إثبات قدرتها على محاربة الفساد، حتى الساعة، تبدو السيناريوهات مفتوحة على كل الإتجاهات في أشهر صعبة فاصلة، لماذا يجري الحديث عن اشهر فاصلة؟ يتمحور مضمون الجواب حول موعد الإنتخابات الأميركية في شهر تشرين الثاني المقبل .