الكثير من الأسئلة أحاطت بدعوة الرئيس ميشال عون الكتل النيابية الى اجتماع القصر الأربعاء. فالبعض دُعي من دون أن يكون رئيس كتلة أو حتى من دون أن يكون نائباً مثل رؤساء حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع و الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط وتيار "المردة" سليمان فرنجية. كما ان رئيس تيار "المستقبل" رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ليس رئيس الكتلة النيابية بل إن النائبة بهية الحريري رئيستها.

في الشكل تفتقد "وحدة المعايير"، الحجة الدائمة التي يطرحها فريق الرئاسة كلما أراد عرقلة تأليف حكومة أو وقف تعيينات إدارية لحرمان آخرين منها. في المضمون الملفت أن فريق الرئاسة يدعو إلى القصر الرئاسي بعض من دأب على القول خلال الأسابيع والأشهر الماضية، في الغرف المغلقة وأمام جهات سياسية، إنه سيضعهم في السجن بتهم الفساد وسيستعيد منهم مالاً منهوباً أو "موهوباً"، عبر آلية قانونية وعقابية أعدتها دوائر رئاسية، ووزيرة العدل ماري كلود نجم، تقفز فوق القوانين الموجودة أساساً ومشاريع واقتراحات القوانين التي تُناقش في البرلمان. فماذا تغير حتى يستضيفهم القصر؟ وهل أن استشارتهم باتت ممكنة بعد فشل الاندفاعة ضدهم وبعدما تبين أن الحملة على الحريري عبر تولي رئيس الحكومة حسان دياب الهجوم على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لم تؤتِ ثمارها بل خلّفت ارتدادات سلبية، داخلية وخارجية في غير مصلحة العهد والحكومة؟

من الملاحظات المعروفة في الوسط السياسي ومنه المعارض، أن الخطة أقرت وكان يمكن استشارة الفرقاء حولها قبل القرار بتبنيها، أما إذا كان الاجتماع لإطلاعهم عليها فإن بعضهم وخصوصاً الحريري قرأها "بالإنكليزي وبالعربي" ونشرت في الصحف، ولا حاجة للاستماع لشرح من المستشارين.

وإذا كان مطلوباً عراضة رئاسية لأن في القصر من يرى عدم الاكتفاء بإعلانها من قبل رئيس الحكومة، فإن هذا يندرج ضمن سلوك يهدف الى تكريس أساليب النظام الرئاسي بالممارسة. طبيعي أن يقول أصحاب هذه الحجة أن البحث فيها يتم في البرلمان حين ترسل مشاريع القوانين لإقرارها لأننا في نظام برلماني لا رئاسي.

لكن هناك رواية أخرى لأسباب الدعوة. فبعد المواجهة التي جرت في الأسابيع الماضية حول الاقتطاع من الودائع والحملة لإقالة سلامة، بين فريق العهد والفرقاء المعارضين لا سيما الحريري وجنبلاط، تحرك عدد من سفراء الدول الكبرى (أميركا وفرنسا وبريطانيا وممثل الأمم المتحدة) لاستشعارهم خطورة الانقسام العمودي الذي أخذ لبنان ينزلق إليه في ظل انطباعات بأن الخطة الإصلاحية المالية والاقتصادية قد لا تفي بالغرض. ودعوا القادة السياسيين إلى التهدئة. واعتبروا أن تصاعد الانقسام، معطوفاً على التصعيد في الشارع والمواجهات التي حصلت بين المتظاهرين في طرابلس ينقل البلد الى حالة خطيرة، وسط قلق من أن هناك من قد يلجأ الى التهور بوضع الجيش في مواجهة الشارع، وأن لا بد من خطوة تحول دون مزيد من التدهور. وحين استقر الرأي على أن رئيس البرلمان نبيه بري هو الأقدر على مخاطبة الفرقاء ودعوتهم إلى اجتماع حواري، وبدأ التشاور معه حول الفكرة، لم يرق الأمر للرئيس عون لان فريقه اعتبر أن هذا يعيد المبادرة الى بري فاستبق ذلك بالدعوة الى اجتماع بعبدا.

 

المصدر : نداء الوطن