أوقفوا تهريب المواد الإستهلاكية المدعومة إلى سوريا، وبما أنّكم عاجزون عن ذلك بالطبع، أوقفوا دعم هذه المواد، فآخر العلاج الكيّ، وكان الله بعون اللبنانيين، فالأسعار باتت جميعها مرتفعة، ولا ضير في رفع أسعار المواد المُهرّبة إلى سوريا، ودرهم وقاية خير من قنطار علاج.
 

مع أنّي كارهٌ للتّحدّث عمّا جرى معي من حوادث ووقائع خلال حياتي المهنية في التعليم الجامعي، أراني اليوم مُضطرّاً لرواية ما أخبرنا به أحد عناصر "اللجان الثورية" في ليبيا منتصف العام ١٩٩٥، وذلك خلال ندوة فكرية تتناول مسألة "الزّندقة" في التاريخ الإسلامي المُبكّر، قال: بعد قيام الإتحاد المغاربي بين الجزائر وتونس وليبيا(لست واثقاً من انضمام المغرب له).

 

 

 رأى قائد الثورة الليبية الراحل معمر القذافي، أن يُزيل الحواجز الجمركية بين أعضاء الاتحاد المغاربي، فعمد إلى قيادة جرّافة بنفسه، وهدم منشآت معبر "رأس جدير" الحدودي بين تونس وليبيا، وأصبحت الحدود مفتوحة بين البلدين، وبما أنّ المواد الإستهلاكية المستوردة من الخارج هي مدعومة من قِبل الدولة الليبية، حتى أنّ أسعار المواد الغذائية كالطحين  والأرُزّ والسّكر والزيوت وما لا يُحصى منها، تكاد أن تكون مجانية، وأسعار سائر المواد الإستهلاكية كالوقود وإطارات السيارات، والأجهزة الكهربائية مدعومة بشكلٍ لا يُضاهى، وهذا بخلاف ما هي عليه الحال في تونس، البلد الفقير في موارده الإقتصادية، فقام أهل تونس وخاصةً التجار منهم بشحن كل ما وصلت إليه أيديهم من المواد الغذائية والاستهلاكية من ليبيا باتجاه تونس، ففرغت المحلات التجارية والمستودعات من تلك المواد خلال ساعات، وراح التونسيون يوغلون في التّمدد نحو العمق الليبي سعياً وراء السّلع، واستطرد مُحدّثنا قائلاً: فتنادينا وقررنا التّدخل السريع، وتوجهنا نحو معبر رأس جدير الحدودي وأقفلناه.

اقرا ايضا : الامبريالية الأميركية في حندوقة عين أمين عام الحزب الشيوعي

 


علم قائد الثورة الليبية بالأمر، فاستدعانا ليستفسر عن مغزى خطوتنا، وعصيان أوامره، فشرحنا له حقيقة الحال وخطورته، فقال وقد هدأت ثورته: لا بأس في ما قمتم به، وأردف مُعتذراً: سمعتكم تهتفون: بالروح بالدم نفدي الوحدة العربية، فقلتُ في نفسي: لا موجب لسفك الدم، وزهق الأرواح، فلتقم الوحدة العربية بالطحين والطّماطم والزيوت، امّا عمارُ بلدٍ وخرابُ بلدٍ فهذا ما لا يجوز.
لبنان اليوم بلدٌ مُنهارٌ اقتصادياً ومالياً ونقدياً، ومع ذلك يتفرّج حُكّامه منذ فترةٍ طويلة على دعم الاقتصاد السوري عبر تهريب المواد الإستهلاكية المدعومة من مصرف لبنان المركزي، لبنان يدعم دولة مُحاصرة، نخرتها الحرب الأهلية، وهو بحاجة لمن يدعمه، حيث لا ناصر ولا وليّ.

 

 

أوقفوا تهريب المواد الإستهلاكية المدعومة إلى سوريا، وبما أنّكم عاجزون عن ذلك بالطبع، أوقفوا دعم هذه المواد، فآخر العلاج الكيّ، وكان الله بعون اللبنانيين، فالأسعار باتت جميعها مرتفعة، ولا ضير في رفع أسعار المواد المُهرّبة إلى سوريا، ودرهم وقاية خير من قنطار علاج.

 


قال مُقاتل" سمعتُ يزيد بن المهلّب يخطب بواسط فقال: يا أهل العراق، يا أهل السّبق والسباق ومكارم الأخلاق، إنّ أهل الشام في أفواههم لُقمةٌ دسمة، قد زبّبت (اجتماع الرّيق في الحلق) لها الأشداق  وقاموا لها على ساق، وهم غير تاركيها لكم بالمراء والجدال، فالبسوا لهم جلود النّمور.