تطورات الايام القليلة المقبلة ستظهر الخيط الابيض من الاسود وحول خارطة الطريق التي اطنب فيها رئيس الحكومة يبقى دائما العبرة في التنفيذ.
 

مبروك للبنان.

 

نعم... بكل ثقة أستطيع أن أعلن للبنانيين أن الدولة أصبحت تملك، لأول مرّة في تاريخها، خطة مالية مكتملة ومتكاملة، تنتهي بها وعبرها مرحلة التخبّط في سياسات مالية أوصلت البلد إلى حالة الانهيار الحالية.

مبروك للبنان.

 

أن الدولة صار لديها خريطة طريق واضحة لإدارة المالية العامة.


اليوم أستطيع القول أننا نسير في الطريق الصحيح لإخراج لبنان من أزمته المالية العميقة.


خريطة الطريق للتصحيح المالي، تأتي بعد أيام على قرار استرداد الدولة لقطاع الهاتف الخليوي، لنثبت أن الدولة يمكن أن تكون مديراً ناجحاً وليس بالضرورة أن تكون إدارة فاشلة.

أيها اللبنانيات واللبنانيون


ما يمرّ به لبنان ليس ظرفاً عادياً أو عابراً.


ثلّة كاملة من الأزمات المتراكمة، والحديثة، تجمّعت كلّها في أسابيع، فأثقلت على البلد أحماله، وأثقلت على اللبنانيين الهموم. جاءت هذه الحكومة من خارج المألوف، فإذا بها تواجه وضعاً غير مألوف في مختلف المجالات، وعلى كل المستويات.

أيها اللبنانيون


منذ 17 تشرين الأول، عندما انتفض اللبنانيون ضد الفساد، بدا واضحاً أن مشكلة البلد تكمن في أن الفساد هو دولة داخل الدولة، وأن مؤسسات الفساد قائمة ومتجذّرة في شرايين ومؤسسات الدولة. بدا واضحاً أيضاً أن الدولة في حالة انهيار شبه كامل، وأن الواقع المالي يستند إلى أرقام غير واقعية، وأن استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية هو وهم نعيشه ونصدّقه. وبينما كانت الحكومة تتلمّس خطواتها الأولى في الحكم، وتتّخذ قراراً تاريخياً بالتوقّف عن تسديد الديون وفوائدها، تمهيداً لمعالجة الوضع المالي للبلد، فرض وباء كورونا نفسه كأولوية، واستنزف كثيراً من الجهد والقدرات. لكن الحكومة التي تعاملت مع هذا الوباء بحرص شديد، وإدراك لمخاطره، لم تتوقّف ورشة عملها لتنفيذ برنامجها الوزاري.

اقرا ايضا : خطط الحكومة على الوعد يا كمون

 

بهذه المقدمة توجّه رئيس الحكومة حسان دياب بكلمة الى اللبنانيين أعلن فيها عن الخطة الإقتصادية  المالية قائلاً نسير بالاتجاه الصحيح لانقاذ البلد من أزمته المالية وما يمرّ به لبنان ليس ظرفا عاديا أو عابرا. ومع إطلالة المئة يوم من نيل الحكومة الثقة ينتقل رئيس الحكومة من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم. بعد مضبطة اتهامه لحاكم مصرف لبنان بحجب الارقام، وخروجه من مجلس الوزراء متوعداً تسمية الاشياء بأسمائها وفضح الجهات التي تحرّض على الشغب وسيتم تحويلها إلى القضاء. توحي مواقفه انه لم يعد في مرحلة ارتخاء وانه تلقى جرعة دعم عربية ودولية يسعى الى الاستفادة منها بشتى السبل متكلاً على خطة حكومته الاقتصادية . فهل يمكن اعتبار هذه المقدمة دليلاً على تحول في المناخ الدولي تجاه الحكومة ام أنه تمييز بين الحكومة والشعب اللبناني وان دعم الحكومة سيكون على قدر تلبيتها لطموحات اللبنانيين، مثل هذا الاعتبار عادة ما يكون حمال اوجه. 

 

ثمة من يفضل عدم الذهاب بعيداً في تفسير السلوك الغربي والعربي تجاه الحكومة أو اعتباره تحولاً يعول عليه. واذا كانت السفيرة الاميركية لا تزال في طور استطلاع الاجواء، فبحسبهم فان مقاطعة السعودية والامارات ومجلس التعاون الخليجي لاجتماع بعبدا الاخير مؤشر سلبي تجاه لبنان. وما بين المتفائل بحركة الدول الغربية والمتشائم، تتجه انظار الدول نحو خطة الحكومة الاقتصادية التي يمكن ان تكون انقاذية تفتح معها ابواب الخارج على المساعدات وتنال ثقة صندوق النقد، او صدامية فتفتح الأبواب على فصل آخر من المواجهات.


ما يجري في لبنان بعد تشكيل حكومة اللون الواحد هو بمثابة إطباق كامل على مفاصل الدولة، وإلا لماذا لا تتحرك الحكومة في مجالات معينة ضبط المعابر الحدودية غير الشرعية، ضبط المرفأ والمطار والموانئ الأخرى، وقف التهريب الجمركي، التلاعب بالتشكيلات القضائية رفضاً لإستقلالية القضاء، إسقاط وحدة المعايير عن التعيينات الإدارية وغير الإدارية، وتطبيق المحاصصة الطائفية والمذهبية الانتقائية والانتقامية رهناً بمصالح أطراف محددة، فضلاً عن تهريب سلة من التعيينات في ذروة أزمة كورونا، وسوى ذلك من الأمثلة. ظواهر الأزمة السياسية والمالية والنقدية والاقتصادية.

 

 تنتقل الحكومة من مأزق إلى آخر. وعند كل مطب تصدم رأسها بجدار، متناسية أن اللبنانيين لا يمكن حكمهم وفق طريقة البعث وكتابة التقارير، وهي اللهجة التي على ما يبدو أنها لا تفارق خطاب رئيس الحكومة، الذي يقدم نفسه كحكومة ممثلة للثورة والإحتجاجات، فيما لا يتوانى عن وصف المتظاهرين بالمندسين، او يعتبر أن ما يجري هو مخطط تدميري يستهدف حكومته، متعامياً عن وجع اللبنانيين وجوعهم وهمومهم. لم يجد طريقاً أقصر من استخدام مصطلحات النظام السوري للإستمرار في الإنفصال عن الواقع.  ففي الواقع، ما يجري في لبنان ليس معزولاً عن الصراع الكبير الدائر على مستوى الشرق الأوسط ككل، وتنخرط فيه قوى إقليمية ودولية. يعني ذلك أنه من العبث أن يبحث اللبنانيون في تقنيات الصراع الصغير الدائر على أرضهم مِن تمَزُّق سعر النقد الوطني إلى انهيار المؤسسات وانطلاق ثورة الجياع.

 

 القضية في مكان آخر. إنها في الصراع الكبير الذي يَتمظهر بمسائل تفصيلية. فلبنان الصيغة والنظام في خطر داهم، فهل من مُنقذ قبل فوات الاوان ، تطورات الايام القليلة المقبلة ستظهر الخيط الابيض من الاسود وحول خارطة الطريق التي اطنب فيها رئيس الحكومة يبقى دائما العبرة في التنفيذ.