وفي هذا الإطار أود أن أقول لهؤلاء الأتباع، بأن الثورات هي أرفع درجات الوعي الجماهيري، وأن كل ما تسوقه أحزابهم من اتهامات وافتراءات إنما المقصود به هو أنتم لا الثوار، لأن أحزابكم أخشى ما تخشاه هو ترجمة مشاعركم الإيجابية اتجاه من سبقوكم إلى الشارع.
 

لا تكل ولا تمل الجهات المتضررة من قيام الناس في لبنان ونزولهم إلى الشوارع منذ 17 تشرين المنصرم بمحاولات حثيثة لتهشيم صورة الثورة وتشويه صورتها كما حصل ويحصل مع كل الثورات في الوطن العربي، فمن اتهامها ومنذ الأيام الأولى بالتبعية للسفارات وتلقّي الأموال والدعم منها مرورا بمحاولات "تطييفها" ومذهبتها وتصويرها وكأنها ضد "المقاومة" أو ضد "الشيعة" ووصولا إلى محاولات تسييسها وإدخالها بنفق الألاعيب السياسية القذرة التي يخوضها منذ عقود أرباب السياسة اللبنانية.

 

أتفهم أن أتباع أحزاب السلطة وجماهيرها التي لا تتحرك إلا بقرار حزبي مسقط عليهم من فوق، كما أنهم يركنون أيضا بقرار حزبي قلا يوجد بقاموسهم شيء إسمه مبادرة أو تعبير حر أو مساحة من التفكير أو حتى هامش من اعتراض على واقع أقل ما يمكن أن يقال فيه أنه واقع مخزٍ يحتم على الناس فيه القيام ضده ورفضه بأي صورة متاحة.

 

وفي هذا الإطار أود أن أقول لهؤلاء الأتباع، بأن الثورات هي أرفع درجات الوعي الجماهيري، وأن كل ما تسوقه أحزابهم من اتهامات وافتراءات إنما المقصود به هو أنتم لا الثوار، لأن أحزابكم أخشى ما تخشاه هو ترجمة مشاعركم الإيجابية اتجاه من سبقوكم إلى الشارع وأن تترجم هذه المشاعر على أرض الواقع وتحين الساعة لأن تلتحقوا أنتم بالثورة فيخسرون بذلك آخر متراس يتمترسون خلفه لسرقتكم وسرقتنا وهو أنتم.

اقرا ايضا : هذا ما سرقه حسان دياب

 

الثورة بوجدانها ووعيها كانت واضحة منذ اليوم الأول، بأنها إنما قامت في وجه كل من تسبب بانهيار البلد من أعلى الهرم وحتى آخر موظف فاسد، وكان شعار "كلن يعني كلن" إنما يهدف بالدرجه الأولى منع "تسييس" الثورة، وحرمان أطراف المافيا من لعبتهم القديمة الجديدة بمحاولة استغلالها أو استعمالها وبالتالي القضاء عليها.

 

والآن وبعد أن فرضت اللعبة اللبنانية انقسام أطراف المافيا بين ما يسمى "سلطة" (احزاب الحكومة)، وما يسمى "معارضة" ( الأحزاب خارج الحكومة)، بدأنا نسمع نفس النغمة القديمة بأن الثوار والثورة إنما يتحركون بوحي من أحزاب المعارضة ولتحقيق أجندات خاصة بهم وأن هذه الجماهير الموجوعة إنما تسعى لعودة الحريري وجنبلاط  للسلطة!! ناسين أو متناسين أصحاب هذا الهراء بأن الناس قامت أول ما قامت وأسقطت حكومة الحريري نفسه، وأن أحزاب السلطة وبالأخص الثنائي الشيعي هم من استمروا بمطالبة الحريري بالعودة واستلام الحكومة فيما كان للثورة رأي آخر فكيف بهذه الأحزاب نفسها اليوم تتهم الثورة بأنها ترغب بعودة الحريري ؟! وكيف لجماهير هذه الأحزاب أن تصدق هذا الهراء ؟


 
من ناحية ثانية، فلو أن الثورة تقاطعت مصلحتها في هذه اللحظة مع أطراف متضررين من العهد ومن حكومة دياب، ونزلت جماهير هذه الاطراف بأجندتها الخاصة متلاقية مع طموحات الثورة المرحلية فمن يقول أن هذا التلاقي هو أمر بغيض، وأن الثورة لا يجب أن تشتغل بفن الممكن وأن تحتضن هذه الجماهير الغاضبة والمسيسة وأن تعمل هي على "استغلالهم "لما فيه مصلحتهم ومصلحة الثورة الاستراتيجية؟ 
ومن قال أن الثورة لا تفقه اللعب على التناقضات اللبنانية وأنها يجب أن تبقى شاهرة سيفها وتضرب به ضرب عشواء ؟؟ 

 

فللذين يقولون بأن الثوار لا يمتلكون من الوعي السياسي بحيث يعرفون تماما إلى ماذا يصبون، نقول لهم إنما هذه هي ثقافة الحكام والسلاطين في عالمنا العربي الذين يعتبرون الناس هم مجموعة غوغاء وأن الفهم والوعي والنضج لا يكون إلا عند أرباب السلطة، نبشرهم أن الثوار والثورة بوعيهم ونضجهم ووضوح مشروعهم هم من يستغلون تناقضات الآخرين وهي التي سوف تركب موجات خلافاتهم حتى تحين اللحظة وتسقطهم جميعا .