نعم للجهل قدرة على النمو والتعمق والانتشار، ومواجهته صعبة، لأن الجهل ضد المعرفة والمنطق، ضد الحق، ضد المرونة والحرية، ضد القانون والعدالة، ضد التسامح والإقرار بالخطأ، ألم يقل الامام علي (ع) (ما جادلت عالما إلا غلبته، وما جادلت جاهلا إلا وغلَّبَني).
 

الجهل ليس ظاهرة بريئة تنجم عن نقص في المعلومات، بل ظاهرة مسؤولة، تنطلق من معرفة يقينية، وتتميز بالقدرة على تسخير جميع أنواع الأسلحة، لفرض حلولها بنجاح في معركة لها هدف صاعق واحد، هو أن ينتصر الباطل على الحق بأي وسيلة وبأي ثمن.

 وهنا نريد أن نميز بين الجهل والأمية، فالأمي حسب هذه النظرة شخص محايد أما الثاني فهو منحاز إلى ما يعتبره حقا والحوار معه يفقد منطقيته وهدفه وأخلاقياته.


هذا النموذج نقابله في كل مكان وزمان، ففي كل موقع نجد أشخاصا يعبرون عن معرفة مشوهة للواقع والحياة، يرددون آراء وخرافات سمعوها من هنا وهناك دون توقف لمناقشتها، يكررون أفكارا ثبت بطلانها لأن نظرية المؤامرة تنهش عقولهم، باطلاع سطحي وجهد قليل يعطون لأنفسهم الحق في الخوض والجدل في موضوعات لا يفقهونها، هذا النوع من البشر خطر، لأنه يؤثر بجهله في كل موقع ودون أي مسؤولية، في أسرته في عمله بين معارفه.

 

دائماً في مرحلة الهزائم والانكسار تحدث الردة والاستدارة للخلف في المجتمعات، وللهروب من واقعهم وأزماتهم تحاول أن تظهر على أساس أنها مجتمعات مترابطة ومتماسكة اجتماعيا، وهي محصنة ضد الأمراض الاجتماعية، وترفع شعارات رنانة


ولكن عندما تسبر غور تلك المجتمعات فتجد أن ما يطفو على السطح أو يظهر من إدعاءات التحصين والطهارة والتدين والأخوة والمحبة والتسامح وغير ذلك ليس لها وجود على أرض الواقع، ويخفي في الداخل أزمات عميقة اجتماعية ودينية ومذهبية تغذيها الأنظمة الحاكمة والأحزاب الدينية وثقافة مغرقة في الجهل والتخلف، وتنطحن وتنشغل بها الشعوب.

 

نعم للجهل قدرة على النمو والتعمق والانتشار، ومواجهته صعبة، لأن الجهل ضد المعرفة والمنطق، ضد الحق، ضد المرونة والحرية، ضد القانون والعدالة، ضد التسامح والإقرار بالخطأ، ألم يقل الامام علي (ع) (ما جادلت عالما إلا غلبته، وما جادلت جاهلا إلا وغلَّبَني).

والله من وراء القصد

 

 الشيخ عباس حرب العاملي